حسن بنعبد الله \ تونس
حديث اليقين ..
ـــــــــ
أجيب كأيّ زوبعة
وأحكي مثلما يحكي نسيم الصبح للأوراق
حديثي كلّه أخضر
ويحمرّ .. إذا ما هاجت الأعماق
أجيد البحث في العمياء
كما في الصحو .. والأنواء
وأبكي
عندما يبكي يقين الموت في الأنفاق
وأدري أنّ لي في حاضر الإعياء
مدى ما خلّف الماضي
وما عانيت بالأنفاس في المأزق
ـ أشمّ البحر ، والصحراء
وأخفي نخلتي فيّ
لعلّي يوم أحتاج لها
أقتات من تمر.. ومن سكر
ومن صوفيّ إفصاحي لها في ليلي الأعمق
فتصغي مثلما كانت
و يسري همسها فيّ
مع الإلهام إذ تشفق
ـ أنا من بحري الأزرق
مع الدّاموس في غوصي
وفي غوصي
إذا ما يقتضي أغرق
ـ أنا من لمعة بيضاء في المعنى
لها وشم
لها حسم من التّحنان إذ تنفق
مداي الحفر في ذاتي
ومشي العمر أسبابا
وردّ الصوت .. إذ يطرق
ـ أنا من يقظة الكرّاس ، والطّبشور إذ أكتب
أنا من جمرتي فيّ
أقول الحقّ .. لا أكذب
أنا من يقظة الكرّاس ، والطّبشور إذ أكتب
قال الوقت المباشر :
قد تواسي يومك الحاضر
تمشي مثل طفل
نحو ظلّ لشجيرة
قربها ماء خرير
وعصافير تحطّ
وتطير
وعناقيد تدلّت
وحضور لكثير
وكثير
من مواعيد صباك
قد تغنّي
وتمنّي النّفس أن تفعل ما يرضيك عشقا وحبور
تجذب البحر إليك
وتمدّ الأرض من عينيك نحو الأفق
مدّا كالحصير
وتنادي ـ تأتي أمّك
معها كلّ القبـور
وتناجي وجه ربّك ـ في خيال ، وظهور
وتناجي وجه ربّك
أيّها الهارب في طيّ الأخير
إنّما العمر قصير .. وقصير
عندما يختم بالصّمت مداك
وتطير الرّوح للأعلى ... تطير
يختفي الظلّ
وتمشي في شذاك
........
قلت عنّي :
على شفتيّ ملوحة عمري
وبعض الكلام الذي لم أقله
سأحكيه للشّمس حين تهاجر
ما بين صبح ومغرب
سأروي التّفاصيل
كلّ التّفاصيل
لن أتجنّى وأكذب
تهجّيت بعض الحروف
ـ فما بين ياء ـ وتاء
وتبّت يد الوقت
حين تخون وتضرب
ـ وما بين ميم ـ وحــاء
وكيف الحماقة تلغي بلاغة وحي السماء
وتنهي الوصال مع الأمناء .. وتهرب ؟
ـ وما بين ـ كاف ـ عجول
و ـ نون ـ
أكون .. وقد لا أكون
مع البحر في طيّه للمتون
و كيف يهـون عليه الغريق ... فأعجب
ـ و ما ـ سين ـ وشين ـ
يسارع بي شيب رأسي
إلى حيرة في العيون
فأحفر قبري
أعمّق حفري ... وأتعب
وما بين ـ فاء ـ وقـاف
تميد بي الأرض
ينهب في داخلي طيّها
يشمّ دمي ... ثم يسحب
ـ أنا متعب بين ظلّ أليف
وأعمدة ـ لا أساس
سؤال مخيف
يعلّقني في ـ طواغيت
دال ـ وعين
كحرفين متّصلين بكلّ الرزايا
ومحترفين فساد النوايا
وفي كلّ هول
توسّع فعل الخراب ... فخرّب
ـ أنا متعب حدّ مدّ القصيد
إلى ما وراء الحدود
ومنهمك في قراءة أصل الوجـود
وجودي مع الكائنات الغريبة
تفتح فيّ جحيم لظاها ... وتلهب
أنا متعب يا إلهي
توسّمت خيرا
ولم أنتبه للحياة
تدمّر فيّ البقاء ... وتذهب
ـ أنا ميّت ... على شفتيّ ملوحة عمري
ـ فماذا إذن بعد هذا الرّميم
أأبعث حيّا ؟
أألقي عصاي ؟
أأرغم نفسي على كسر رأسي
أزيل التواريخ والذكريات
أوسّع في البقاء مع الكائنات .... وأكتب ؟؟
ليست هناك تعليقات :