ناجح صالح \ العراق
الاسلوب هو الرجل
شاءت
ارادة الله أن يكون لكل انسان أسلوبه
وبصمته وطابعه ، فلا يشبه أحد أحدا قط
.والاسلوب
هو طريقة التعامل مع النفس أو مع الآخرين
، سواء بالكلام المباح أو ما تخطه اليمين
من أفكار طارئة تتسلل الى العقل والقلب
بسلاسة أو بعد جهد جهيد .وحينما
نقول أن الاسلوب هو الرجل فانما نعني أن
لكل منا نهجا خاصا به في طريقة التعبير
عما يجول في عقله ، وقد شاع هذا التعبير
في الأوساط الأدبية خاصة لما فيه من علامات
فارقة بين أديب وآخر ، ذلك أن كل أديب يحظى
باسلوب منوط به وحده لا يشبهه غيره وان
حاول تقليده .وقد
تعددت أنواع الأساليب تبعا للنشأة والبيئة
والثقافة والأجواء النفسية والعوامل
الاجتماعية .تميز
فولتير مثلا عن غيره من المفكرين بأسلوبه
الساخر الناقد ، وذلك من خلال موقفه الفكري
اتجاه معايب الكنيسة ومساويء الملكية في
فرنسا في عصره .ويعتبر
برنادشو هو الآخر من الكتاب الساخرين ،
ذلك أن أسلوبه اللاذع في مقارعة الظلم
والفساد جعله يتصدر الكتاب في هذا الشأن
.أما
شكسبير الذي سبق كل هؤلاء فكان رائدا في
الكتابة المسرحية ، وكان له أسلوبه المميز
الفريد الذي لم يضاهيه أحد من بعده ..
ذلك
الأسلوب المتألق الذي يعكس شخصية هذا
الأديب الكبير .وفي
نظرة عاجلة الى أسلوب تولستوي ، ذلك الأديب
الروسي الشهير فان أسسلوبه هو واقع حال
لسيرته المتخمة والمليئة بالقصص لما كان
يرى من اجحاف لطبقة الفلاحين رغم أن أسرته
اقطاعية ، لذا جاء اسلوبه يشكو المظالم
ويحث على الاصلاح .وهذا
ديكنز الأديب البريطاني له اسلوبه المميز
الذي لا يضاهيه أحد ليوغل في وصف ما يراه
أبدع وصف وبرشاقة الكاتب المقتدر في اعطاء
صورة صادقة للمجتمع الذي كان يعيشه .وفي
انتقالة سريعة الى الأدب العربي نجد أن
(
طه
حسين )
في
كتابه (
الأيام
)
مثلا
يتحدث عن سيرته الذاتية باسلوب فريد فيه
حبكة ومتانة ، ذلك أن حياته كانت قاسية
جافة لاسيما في طفولته بعد أن فقد البصر
مما أثار فيه نزعة الارتقاء الى الثقافة
العالية متحديا كل الصعوبات التي تواجهه
.أما
نجيب محفوظ فقد أثرى الرواية العربية
بعطائه المتواصل باسلوب جمع بين الرمزية
والرومانسية والواقعية وهو يرسم صورة
صادقة للمجتمع المصري في كفاحه الدؤوب
ضد الأستغلال والظلم والعبودية .
ولعله
الكاتب الوحيد الذي صور الأحداث لمرحلة
جاوزت النصف قرن مؤكدا على النهج الذي
آمن به ..
نهج
الأشتراكية والعدالة والحرية .وحينما
نتطلع الى ما كتبه العقاد من (
اسلاميات
)
وغيرها
من الكتب الكثيرة التي أشبعت رغبة المتطلعين
الى الثقافة الحقيقية نجد في أسلوبه طعما
مغايرا للآخرين من أقرانه ، أسلوب متين
فبه حبكة وابداع مما يثير فينا الدهشة
والاعجاب معا .وهذا
توفيق الحكيم في مسرحياته قد حاز على حب
وتقدير القراء والنقاد لما كان أسلوبه
يحمل من أفكار عالية .ماذا
أيضا في كتابات احسان عبد القدوس ويوسف
السباعي ومحمد عبد الحليم عبد الله ويوسف
ادريس وغيرهم من الروائيين ؟ أليس لكل
منهم أسلوبه الخاص الذي يقترن به وحده
دون أن يشبه غيره ؟
ان الأسلوب هو الرجل حقا بما فيه من نشأة ومحيط اجتماعي وثقافة وتأثيرات أخرى تلعب دورها في رسم الشخصية ومدى القدرة على العطاء .انك ان تحدثت الي عرفتك وان قرأت لك عرفتك ، أما ان آثرت الصمت فلن أعرفك أبدا .
ان الأسلوب هو الرجل حقا بما فيه من نشأة ومحيط اجتماعي وثقافة وتأثيرات أخرى تلعب دورها في رسم الشخصية ومدى القدرة على العطاء .انك ان تحدثت الي عرفتك وان قرأت لك عرفتك ، أما ان آثرت الصمت فلن أعرفك أبدا .
ليست هناك تعليقات :