ياسين الزبيدي \ العراق
دروب عاقرة / قصة قصيرة /-----------------------------
الشمس تعانق الأفق الغربي لتشعر الآخرين بمعنى ألقها ودلالة وجودها وهم يرون الظلام يتنفس ويتسيد، استقل سيارة (التاكسي ) بيني وبين السائق جدار من الصمت، انطلق باحثا عن ذات قديمة علي أعثر عليها بمعجزة، افتش عن أشياء غادرتني كانت تلون سنين عمري. كل مساء ابدا رحلة البحث عن أشياء أدرك سلفا أنها لن تعود بيد أني مصاب بداء الركون لماضي موشوم بذكريات تشبه الصدق!
عندما أصل إلى هناك حيث الزوايا الغارقة بالظلمة الشفيفة، ادلف بحذر، وأجلس مرخيا أزرار سترتي العابقة بصدى عطر لازمني سنين، انا وذلك العطر أصدقاء وانا بطبعي أقدس الصداقة واجد حرجا أن انا تنكرت للأصدقاء. .
انا صديق الاشياء حتى ولو كانت قصاصات ورق، أزهار ذابلة، بطاقات يانصيب خاسرة أو حتى مجرد بقايا عطر..
بعد الجلوس استغرق في الأفكار ثم استفيق على صوت النادلة وهي تسألني عن طلبي، اطلب فنجان قهوة مرة وقنينة ماء، القهوة لها الف معنى ومعنى، ارتشافها له طعم الجلوس في حضرة امرأة مليئة بالأحاجي، اطلب أكثر من فنجان كي أحاط بالنساء، ولكي أبقى وقتا أطول في هذا المكان.
عندما أجلس احرص أن يكون المكان ركنا منزويا في ذلك المقهى الغارق بالدفء. .
أولي ظهري لكل الأشياء للارجيلات المقرقرة ،للأجهزة التي تبث موسيقى صاخبة، النساء النادلات، احرص أن أجلس هكذا كي أكون بمواجهة الشارع المقابل للمقهى أراقب حركة المارة، ثمة امرأة تمرق يغفو على كتفها طفل احسده على تلك الطمأنينة وذلك الكتف الحنون، هناك في زاوية على ناصية الشارع وقف رجلان يتحدثان ويشيران بأيديهما راسمين صورا وأشكال لعلها موضوع حديثهما كما خمنت، يتملكني فضول أن أعرف عم يتحدثان، تمر عربة من أمامهما تحجب عني نصفيهما السفلي، عربة ممتلئة بزجاجات العطر يقودها رجل كهل.
العطر لون الأشياء وصداها بعض الأشياء يثرثر عطرها أينما حلت وبعضها لايعلن وجودها عن حضور مهما اكتست بالألوان فإن تكون حاضرا أكثر من أن تكون موجودا، انا أفضل الرائحة على الألوان. ..
أمسك هاتفي لأدون انطباعي عن حقيقة ما أرى، يقع بصري على فنجان القهوة البارد، برودته تشعرني بالحزن، فنجان القهوة المهمل يشبه امرأة تشكو حبيبا لا مباليا. . .
أتسائل عن جدوى وجودي في هذا المكان الذي يكاد يكون يوميا فرحلة البحث التي امارسها لم تسفر عن شيء، أنهض بتثاقل، أضع ورقتين من فئة العشرة آلاف واخرج تاركا آخر فنجان قهوة وقنينة ماء لم احتسيها
يممت وجهي صوب الشارع، اومأ لسيارة التاكسي، ادلف إلى جوفها واستغرق في الأفكار باحثا عن مساء آخر يكون بداية لبحث لا يفضي إلى شيء ...
ليست هناك تعليقات :