رابط صفحتنا الرسيمية

» » ادريس الجرماطي\ المغرب الطائر الخرافي...


ادريس الجرماطي\ المغرب

الطائر الخرافي...
قالت سيدة لطفلتها المتبنية مترددة متمردة على التاريخ المحتمل، وهي تخفي في مغارات نفسها جلاميد الأفكار الأخرى.. ستبوح بها حالما تستعد الجوارح للهروب من اسطبلاتها العميقة:
- أي سفن هاته التي ترجح لقاءها بوهج الماء؟ وحين يصطدم الطائر الخرافي بأوساج العبارات، يردها في أنفاسها تنهم أوراق القمع في بيادر السهو، فلا حب ولا بذور، حتى وإن جفت له الحقول، يتوهم الحصى تمارا، ويغرف خبزه على متن الخيال، سفر هو داك بدون تذكرة، والدخول في متاهة تجعله يقبع بنفسه دون القدرة على طرح أسئلة نمطية على جانحة مركبة لم يكن يقوى على إغراقها ريح ولا سحاب، وعلى صدر هذا الخرافي يسكن هيام الخوف، يوجع الليل في همسه، ويغرق النهار في تدابيره، وموسيقى الأشجار تجد لها أفقا في الفضاء، وحدها دون جمهور اخطأ حين لم يكن موحد الأفكار إبان استطاعته على تغريد فوضاه، لأنه سجين التجديف، والحيرة أخذت منه ألحان رقصه الجريمة، فلا غبار في السماء، ولا قدرة له على تصويب نباله العطشية، كما يرغبها متنا ولغة وصورا جميلة على القصائد، فبقي وحيدا على متن أحلام مكانية الأزمنة، تبدو غائصة العقارب وسط أجواف التراب...
لم يكن الأمر سوى ذلك الطائر الفضفاض، ينتعش بروحه وسط الذاكرة والإدراك، ويصنع أشكال الاختباء رميا على الصدور، قاصدا مراتب الإقتيات سلبا لكل الأرواح التائهة المتورطة عبر لقاءاته بوجهه العبوس القمطرير، وجه يرى عبلاه تسطو على الفراغ منددة بلحاف الحيرة من جراء التسلق والتملق للجحود، وداك عنترة يستظل بالعيدان، فلا أمل يعشقه في شمس نفذ اعتذارها برهة ارسالها رقاصها الشعاعي، يمكر بالظلال الباهتة ويمتد بلسانه كسلحفاة وسط أرواق الأعشاب الخضراء، لأي خرائط يخطط الطائر المختبئ في زحمة من يودون الاحتضار؟.
أي خلاصة ينهجها لتسطير هذا الوجود برماد الخوف المصطنع، وأحيانا على القلوب قبل الهجوم؟.
اتكأت الطفلة لتستوعب من قصص السيدة التي تحكي عن لعبة الزمن الآت، زمن لن تدركها سطوره، لأن الطائر يحتفظ بمزية الاعتدال، ستأتي الأحوال دون أن يلحقها موسم الطيور الجائعة، طيور تتخبط في الهواء لتكسر قناديل الأمل، متوغلة في تراكيب الجرع، كأنها جرير ينوي بسط سمه وقواريره عبر أجواف سيده الأمير، جرير لم يحلق مخبئا، لكن الطائر الخرافي يبدو ذكيا مستوعبا عبق الأهواء دواخل أولئك الذين....
تميل السيدة دون ذكر اليأس، لأن القلق سيعلو سطور الباصين والمحدقين بأعينهم الشمطاء، هذا الكائن الفضائي عنه تحكي السيدة أساطيرها المستقبلية علها توقف نزيف القارئ الذي سيبعث بين أغصان الخراب، هي تحكي عن أبعاد زمنية سينكشف فيها لغم الترتيب، سيسجن فيه الجلادين، وتغمى ألسنة الهالكين في الأرض، تتبعثر الحسابات، ويتوقف العد، لأن بداية أخرى ستكون لها إعادة بغير شخوصها الأمس، والغد سلطة حائرة، تتبدل فيها المراسيم، فيخلد البالي، وتهمد المتجدد في أفكاره التي كانت تحترم النار على تقدير يفوق الإنسان، قطار اللحظة سيجتر أسلاكه الثقيلة، لن يقوى على تحريك عجلاته الحديدية، لأن مطر دهونه توقفت دون سبق اندار، ولا تفويض أمر لأي كان...
رغم أن السيدة لم يكشف لها العبور عن لغة الدهون، ولا تملك أية فكرة عن المقابر الجماعية، إلا أنها تعيش تخاطرا نسبيا، نالته من زوابع الرياح التي رسمت لها خرائط الغد في الأمس، وسطرت لها حالة الوجوه الممسوخة المتورطة في الحاضر الغائب، في سكنات لا يمكن أن توصف بأي وصف...
السيدة وكأن بيدها مرآة تقدف لها رسائل الأخبار التي لم تدون بعد، لأنها آنذاك في غيب لا يعتد به، لأنها أيضا لن تجد من يسمع تفاصيل ما قد تراه يجري ذات يوم، يسجل فيه التاريخ غياب الجميع...
الفراشة "ليليا"، تنهم عطشة لسماع قصص الخوف الغرائبي لزمن انتظاري، لن يلحق جيلها الملون بلون الاعتبار، دفاعا عن الحدائق، متنافسة لريش الطاووس، وكلاهما يطير، لكنهما ليسا بحجم طيران الطائر الفضفاض الخرافي، كأول مخلوق مصطنع يهوى خريف العقول، ويقوم بتجريد كل الأشخاص من الهوية، بتهمة الخروج عن القانون...

عن المدون International Literary Union Magazin مجلة إتحاد الأدباء الدولي

مدون عربي اهتم بكل ماهوة جديد في عالم التصميم وخاصة منصة بلوجر
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
رسالة أحدث

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد