رابط صفحتنا الرسيمية

» »Unlabelled » الروائي محمد علوان جبر \ اعداد - اياد خضير الشمري


( القصة العراقية من أهم تجارب القصة في العالم العربي )
قصص محمد علوان جبر وسمو المعاني /الناقد كاظم حسوني
يمكن النظر الى التجربة السردية للقاص محمد علوان جبر بأنها تمتلك ملامح خاصة ، عبر اسلوب تميز بالعمق والمتانة ، ولغة رشيقة مرنة ، قادرة
على استدراج القارئ ، تشي بدراية وخبرة القاص الذي بدأ الكتابة منذ مطلع الثمانينات ، انتج خلال هذه الاعوام مجموعتين قصصيتين هما (تفاحة سقراط 2005) و (شرق بعيد 2012) ورواية قيد الطبع ، وله قصص منشورة في المجلات والصحف ، الى جانب كتاباته في حقل السينما ، والمتابع لتجربته السردية يلمس محاولاته التجريبية التي اسهم فيها في فترات سابقة ، التي ارتكزت على طرائق السرد الموغلة بالتغريب والشكلانية ، المفتقرة الى النبض الحي ، سعياً منه لمواكبة موجات الحداثة لفن القصة ، ، ولئن القاص محمد علوان يخطو خطوات واثقة ويراقب نتاجه بتمعن في تشييد عالمه بفنية عالية ، الذي لا يمكن ان يكون مؤثراً من دون استلهام معطيات الواقع ، عبر المعاناة لصياغة مضمون انساني ، لم تعد تبهره الانساق والانماط السردية ، التي عمل على بنائها في السابق لمجرد اثبات قدرته في اجادة صنع السرد الحديث. مدركاً عبث النزعة الشكلية والتجريد على حساب الغاية او المحتوى ، رغم ما تتسم به هذه الصياغات من بريق،لكنها تبقى غير مؤثرة بالمرة في المتلقي ،فالعلاقة بين (الفن والصدق ) تظل معادلة ثابتة ، كما هو متجلي في صفحات الأدب العالمي على وجه الخصوص ، ولأن القاص علوان اراد لفنه ان يكون موحياً ومؤثراً ، متوهجاً بمضامينه العالية ، بات يظهر هذا المنحى في مجمل عطاءه القصصي ، سيما في مجموعته الأخيرة (شرق بعيد) اذ كان القاص امينا الى حد كبير لتصوير ما جرى ، وقد اثقلته الهموم ، وكمن لا يستطيع الاحتمال اكثر ، نقل لا معقولية الواقع ، وصنوف عذاب الانسان العراقي ، الذي اصبح لا وجود له في تلك الاعوام العصيبة ، لما لاقى من اشكال الموت ، مطلقاً صرخة احتجاج عالية بلغة القص ، راسماً مناخات الألم بحرفية بالغة وصدق كبيرين ، ، لكن اعقب هذه المجموعة القصصية المترعة بسريالية تهاويل الحرب ، قصصاً ذات ايقاع ومسار مختلف ، ربما جاءت متلائمة مع الهدوء النسبي لوقع الاحداث ، ، قصصا اتسمت بقوة التعبير والتوغل في فضاء آخر لتقصي طبيعة الانسان ، ومحاولة كشف القضايا الخبيئة والمضمرة في النفس ، تمثل ذلك في اغلب قصصه الاخيرة ، خاصة في قصته الموسومة (القرصان) التي تسنى لي قراءتها عبر شبكة الانترنيت ، ، وهي قصة تمتلك عنصر التأثير ، وعفوية السرد واحكام الحبكة الفنية ، ومزايا جمالية اخرى ، مما يستدعي الوقوف عندها ، وهي تقص حكاية رجل يعيش وحيداً منذ هجرته زوجته ، التي بهت ظلها من صفحة ذاكرته مع مرور الأيام ، خاصة وانها امرأة محدودة الذكاء والفطنة على حد وصفه ، فيظل يمارس طقوسه الخاصة بقراءة كتبه الكثيرة التي يزدحم بها البيت ، بعد عودته من عمله كل يوم في احد المصارف ، ويمكن القول انه يعيش حياة هادئة ، لا هم سوى شغفه بقراءة الكتب والروايات ، سابحاً في سموات الخيال ، والمهارة في صنع الأحلام . . يبدأ القاص محمد علوان قصته بضمير الراوي - الضمني للبوح بهواجس البطل وتطلعاته واحلامه ، كاشفاً عما يعتمل في نفسه من رغبة وتوق لتعلقه بصور الجمال المنثور في ثنايا الوجود ، ، البوح بفلسفته المتأملة للمرائيات كناسك بوذي ، ، لكن عالمه الخاص تهشم فجأة بلا ارادة منه ، وانقلبت حياته الهادئه بقدوم الموظفة الجديدة (سناء) ، ، كل ذلك تمثل من خلال حواريات ومشاهد ولقطات رسمها القاص ببراعة . لكنه ما كان يأبه لكل ذلك ،لا يصغي الا لنداء روحه الملتهبة بعشقها الجديد ، فراح يبحث عما يثير اهتمام (سناء) وشرع يحدثها كل يوم بعد فراغهما من العمل عن (الحب في زمن الكوليرا) لماركيز ، و (للحب وقت وللموت وقت) لريماك ، وعن قصص الحب في اشهر الروايات العالمية التي جعل يقدمها لها تباعاً ، حتى نجح في استمالتها ، فأخذت تسأله عن كل ما يخطر بذهنها . اذ استطاع القاص محمد علوان جبر بحسه المرهف رسم حالة احتشدت بفيض المعاني الانسانية ، وبعفوية وحذق كبيرين ، قدم لنا قصة ذات ايحاءات جميلة تنبض بالعاطفة الجياشة ، وفق بناء فني محكم وبلاغة اسلوبية متميزة.



السيرة الذاتية 
ـ محمد علوان جبر 
ـ تولد ـ 1952 
ـ يعمل حاليا .. خبير قضائي في دوائر التسجيل العقاري والهيئة العامة للضرائب 
ـ يكتب في الصحف العراقية والعربية منذ سبعينات القرن الماضي 
ـ يرأس حاليا نادي السرد في الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق .
ـ عضو اتحاد الادباء والكتاب في العراق 
ـ ساهم محاضرا عن القصة والرواية في اغلب المهرجانات التي عقدت في بغداد والمحافظات .
ـ الاصدارات 
1. تماثيل تمضي .. تماثيل تعود .. قصص اصدار عام 2000 بغداد دار المنصور 
2. تفاحة سقراط قصص ... اصدار عن دار الشؤون الثقافية ـ بغداد ـ عام 2005
3. شرق بعيد قصص ... بطبعتين الاولى عن دار الشؤون الثقافية 2009
الطبعة الثانية عن دار رند دمشق 2010
4. ذاكرة أرانجا .. رواية ... عن دار فضاءات " عمان " عام 2013 
5. تراتيل العكاز الاخير ... قصص عن دار ومكتبة عدنان للطباعة والنشر عام 2015
6. سيدة الاثر .. رواية نشرت بعض فصولها في مجلة الثقافة الجديدة .



مجموعته العكاز الاخير اخذت صدا واسعا في النقد قال كريم جبار الناصري :ــ
الروائي المحتفى به محمد علوان جبر قدم شهادة عن تجربته الحياتية والسردية ممعنا في حياة مدينة عاشها تطوف في سمائها سحب سوداء ..فقدم شهادته المعنونة(يتكاثر الضوء كدائرة من الأصدقاء ) بقوله :
- خليط كثيف من المعقول واللامعقول لحياة ذلك الصبي الذي عاش في المدينة رغم تحذيرات أمه وأبيه.. لم يذعن الصبي وخرج في اليوم التالي للانقلاب ،لمح من بعيد سحابة سوداء تطوف في سماء المدينة ..انهمك في لعبة البوكر مع أصدقائه في أول الزقاق ..لم تغادر السحب السوداء سماء المدينة . بعد أسبوع من الانقلاب اعتقل الأب ،كان الوقت عصرا اقتربت سيارات اللاندروفر العسكرية من البيت ..كان هو يلعب مع الأولاد لعبة البوكر بالصور ..بوكر صور الممثلين والممثلات كل صورة تحمل رقما تقلب الصور ويبدأ السحب ..يسحب كل لاعب صورته ويكشفها يفوز من يسحب الرقم الأكبر ..رفع الصبي الذي يقابله الصور التي أمامه وسحب رقما أشار إلى( 63 )وقبل أن يمد يده ليسحب ورقته ليعرف ما الذي تحمله الورقة المقلوبة من رقم.. راقب بطرف عينه الغيمة السوداء وهي تطوف في مكان قريب منهم كذلك لمح من بعيد سيارة تقترب من مدخل الزقاق لم يعرها انتباها وكذلك لم يهتم للغيمة التي كانت تقترب ببطء لان تركيزه كان منصبا على الصور لم تصل يده الى الصور حتى لمح سيارة أخرى تدخل الزقاق حيث بيتهم - قبل أن يخرج من البيت قال أبوه - لا تذهب بعيد ،لان هناك انقلاب ....سقطت كلمة انقلاب على عقله كما تسقط كلمة سوق، حمار ،أو صور شتى تتركب في عقله ..لكنه فجأة تعكر مزاجه حينما لم يجد علاقة بين كلمة انقلاب وسوق ،فاستعاد كلمات الأب ...لمح من فتحة الباب الموارب قليلا أمه تبكي وبقي يفكر بالرقم لان اللعبة كانت له فلم يقترب من أمه ليسائلها عما جرى ولم يجرؤ على العودة إلى مكان الصور ليرى كم هو الرقم الذي تخبئه له الصور ...أدار وجهه نحو الوجهة التي اختفت فيها السيارات وبدا يركض ومنذ ذلك الصباح وبعد خمسين عاما وجد نفسه يركض ..لكن في الوجهة المعاكسة للوجهة التي سارت فيها السيارات ..لم يبقى في ذاكرته إلا صورة شبيحة للأب وهو يختفي في عتمة حوض سيارة اللاندروفر ..والرقم الذي لم يسحبه .....ولما لم يجد إجابات على أسئلة كبيرة كان يضج بها عقله وجد علاقة بينه وبين الطين الأحمر على جانبي نهر الخاصة ذلك النهر الذي يخترق مدينة كركوك رسم أشكالا تشبه الزنازين ومدافع من نوع كبير وصغير ..لكن بعد الاعتقال الثاني للأب نخر الحرمان مرة أخرى مخيلته أنفاقا أدت به الى الانزواء والإكثار من القراءة ..اقترب في طفولته من شهرزاد بعد إن وقع بين يديه صدفة جزء من الليالي الإلف ، فاعترف أنها معلمته الأولى وبات يشعر باللذة ذاتها التي يحسها وهو يشم رائحة الطين التي كانت تثيرها حكايات لم تتشظى كانت تماثيله تتشظى في سطح الدار ...
العكّاز الأخير .. سيميائية الحرب وتمظهراتها ضمن بنية النصّ القصصي


إياد خضير 
إذا كانت الرواية من الأجناس السردية الأكبر حجماً من ناحية تعدد الأحداث والشخصيات وتنوع الفضاء المكاني والزمني فالقصة القصيرة هي في بنيتها الوظيفية تعتمد على الحدث الواحد وتطوره وتناميه من خلال البداية صعوداُ نحو الوسط ونزولاً إلى النهاية المغلقة أو المفتوحة بترابط عضوي ووحدة موضوعية بين أجزاء الحدث في مراحله بتكثيف وإيجاز لغوي ودور فاعل للكلمة ضمن التراكيب اللغوية الذي تكون ضمن دلالته لتؤدي إلى تنميته الحدث من حيث الدلالة والإيحاء وإن تعدّدت منهجية القصة القصيرة واختلفت أساليبها لكن تبقى العناصر الأساسية قواعد مشتركة في جميع أنواع القص كهوية تمييزية لهذا الجنس السردي فكما يركز بعض كتاب القصة على عنصر الحادثة والبعض الآخر على الشخصية نجد كتاباً يجمعون بين العنصرين وهذا نجده في تجربة الروائي والقاص محمد علوان وتحديداً في المجموعة القصصية ( العكاز الأخير ) :
( - سيدتي .. أنا صديقه .
قالها بخجل وهو يقف بقامته المتوسطة بمحاذاة الباب الذي فتحه إلى النصف ، وأنا أتابع بقايا إبتسامة مزروعة على شفتيه وهو يطلب مني أن أمنحه الساق الصناعية ، أن أعطيه الطرف الصناعي لزوجي الذي أمضى سنوات طويلة وهو يتعكز عليه بعد أن فقد ساقه في الحرب ... ) قصة تراتيل العكاز الأخير ص 21 
لقد احتوت هذه المجموعة من ثراء في تجربة القاص فعلى إختلافات القصص من حيث النوع لكنها في مجملها تترابط في مشتركات مضمونية تشكل بؤر مركزية لتكون المجموعة في مجملها مرتبطة بوحدة موضوعية كما نجد هذا في جداريات النحت المتكونة من وحدات نحتية متعددة ومتباعدة من حيث الطرح والشكل لكنها مشتركة في بؤرة تعبيرية مركزية تؤلف قيمة كلية وتدور في فلكها معاني جزئية تضفي قيم متعددة ومستويات متنوعة للقيمة الكلية وجدارية جواد سليم خير شاهد على ذلك وهذا لا يتأتى بسهولة أو تجربة سطحية بل يكون ناتجاً إبداعياً من خلال تراكم كمي ونوعي لتجربة إبداعية معرفية وخير دليل على ما تقدم تمظهر ثيمة الحرب بسيميائيتها المتوهجة :
( ضحكنا مرّة أخرى من كلمة الحرب ... وتساءلنا ...
" ماذا يريدنا أن نفعل بالمجارف والمعاول ، هل يريد أن يدفن شيئاً .. أم أن الأمر له علاقة بالأناشيد التي كنا نسمعها من المذياع في سيارة الكوستر التي أوصلتنا إلى هذا المكان ..؟ " 
قال أحدنا .. إنها الحرب .. قلنا أيّ حرب .. ؟
ومن يومها استلمنا المعاول والمجارف والبنادق .. لكن حينما حلت الحرب التي غطتنا كغيمة سوداء ، تساقطنا واحداً تلو الآخر ) حفارو الخنادق ص 8 
لقد كانت لثيمة الحرب في غالبية المجموعة تداعياتها النفسية والاجتماعية وتجلياتها على حاضر ومستقبل شخصيات القصص فالحرب في هذه المجموعة وما فيها من دلالات ومرجعية ذاكرة جمعية مشتركة بين القاص والقارئ تجعل القارئ منصهراً ومتفاعلاً مع جميع القصص بل ومنتجاً لفضاءات دلالية أخرى بحسب نوع تجربته مع هذه الحقبة الزمنية وماذا أنتجت بعد إنتهائها في الزمن الفيزيائي : (( تفتح هذه الطريقة في تصور المسترسل المجال لمسألة ذات بعد ميتافيزيقي .. وهب مسألة المدلول الحسي الإدراكي والظاهراتي ومدلول التجربة ...)) * 1 لكنّها بقيت مستمرة في آثارها في الحاضر والمستقبل بل وفاعلة في خلق بعض معطيات الحاضر الذي هو متماهي فلسفياً مع الماضي وتؤثر في صياغة المستقبل كما في قصة ( تراتيل العكاز الأخير ) أو في قصة ( صهيل العربة الفارغة ) وغيرها من القصص فلقد كانت الحرب تتمظهر تجلياتها في حاضر الشخصيات وتكون بعض أفعال الشخصيات نواتج عن آثارها وما تركته في ذوات الشخصيات :
( خريجون مرّة أخرى ، ماذا أصنع بالخريجين ، والحرب على وشك أن تقوم !! 
ضحكَ أغلبنا من كلمة الحرب 
" أيُّ حرب يعني هذا الأمر المقصود ؟!" ) قصة حفارو الخنادق ص 7 
( " حبيبتي ... لا شيء أقسى من الحرب " بعد كلمة لم أستطع أن أقرأها قرأت ...
أكاد أسمع نبضات قلبك .. أحسكِ أقربُ إليَّ من وحشة الجبل ، المرارات كلها تجتمع هنا ، هم يقصفون ، ونحن نقصف .. هكذا إلى ما لا نهاية .......
الانتظار في الحرب يسبب رعباً أكثر من الحرب ذاتها ... ) قصة ضوء أزرق ص 14
(منذ خروجه من البيت حتى ولوجه بوابة المحطة محملاً بحقيبة المسافر إلى الحرب ، الحقيبة التي كانت ترصّها أمه بملابسه والكثير من الطعام ... ) صهيل العربة الفارغة ص 30



حوار اجراه عبد الرضا غالي الخياط
س: ماذا أضافت لك "تراتيل العكاز الأخير" وقد أثارت جدلاً واسعاً وما زالت؟
أجاب :ــ تراتيل العكاز الأخير"مجموعتي القصصية الأخيرة..هي خلاصة لعنوان ويافطة كبيرة اسمها "مابعد الحرب" الحرب التي عشت ايامها يوما يوما، بل ساعة ساعة.. اجل عزيزي حاولت في هذا الكتاب "وعسى إن أكون قد وفقت الإجابة على السؤال الكبير والأزلي" مالذي فعلته الحرب بنا؟."كشباب خرجنا توا من تجربة انهيار ماكان يسمى"الجبهة الوطنية" شباب كنا نحمل طموحاتنا الكبيرة ومشاريعنا الفكرية والفنية.. اصطدمنا بجدران رعب ودخان حرب لم تترك لنا فرصة لالتقاط الأنفاس.. فكانت القصص تشترك أو تطمح إن تجيب على السؤال الكبير..عن أثار الحرب، فأنت ترى الحرب موجودة وغير موجودة في اغلب القصص كخلفية ويافطة كبيرة تجري حولها الاحداث.. الأحداث أبطالها المكبلين برعبها وأثارها.. فكانت أشبه برواية تطمح إلى إن تكون قصصا قصيرة أو قصصا قصيرة تطمح إلى إن تكون رواية.. أبطالها يعيشون لوثة مابعد الحرب عدا القصة الأولى "حفارو الخنادق" كانت أشبه بالتمهيد للحرب؛ لانها كانت تتحدث عبر حوارية بين الجنود والضباط عن حرب قادمة وسط استغراب مجموعة من الجنود الذين يسخرون ممن يقول إن الحرب ستأتي.. أما القصة التي حملت عنوان المجموعة "تراتيل العكاز الاخير" كانت تتحدث عن مجموعة من معاقي حرب فقدوا فيها إطرافهم واستخدموا العكاز أو"الإطراف الصناعية"، وكذلك حال قصة "صهيل العربة" تتحدث عن جندي يشم رائحة الماضي حينما كان يسافر في القطار الى الجبهة وكذلك "ضوء ازرق أسفل الوادي" التي تتحدث عن مذكرات جندي إيراني يعثر عليها جندي عراقي بعد انجلاء غبار المعركة، فيحتفظ به لنفهم، فيما بعد وعن طريق المترجم الذي يترجم له ما مكتوب في الدفتر، نفهم من المذكرات إن الإنسان هو الإنسان أينما وجد، والشعوب تتشابه تماما في خوفها ورعبها ورفضها للحرب. المهم إنا اعتز كثيرا بهذا الكتاب القصصي؛ لان اغلب قصصه عشتها وترجمتها على هذه الشاكلة التي نالت استحسان النقاد والقراء.
س: كيف ترى مستقبل القصة القصيرة، وسط طوفان الرواية، وتصدرها المشهد الثقافي ؟
اجاب :ــ القصة القصيرة فن سردي يقوم على منظومة جمالية خاصة.. لها شروطها الفنية الصعبة جداً.. لا لشيء إلا لأنها تعمل في المنطقة الهلامية الشفافة التي تفصل الشعر عن النثر.. فأي تمادي في الشعر أو النثر يمكن إن يؤدي بالعمل إلى السقوط في دائرة من هاتين الدائرتين "الشعر أو النثر"، لكن القاص المتمكن من أدواته يمكنه إن يقيم توازنا جماليا والبقاء في حدود تلك المنطقة الهلامية التي تفصل الشعر عن النثر حتى يستطيع إن يقدم لنا وجبة سردية تمتلك مواصفاتها الجمالية، والتي تدعى "القصة القصيرة". إذن، لا خوف على مستقبل القصة القصيرة رغم هيمنة الرواية كونها تعد وبأمتياز "سيدة الفنون الجمالية".
س: إلى أين تتجه الرواية العراقية اليوم؟
أجاب :ـ نحو العالمية.. فالرواية العراقية تشق الطريق بقوة نحو التتويج والرواج العربي والعالمي، وهناك أمثلة كثيرة، فاغلب كتاب المهجر استطاعوا إن يحققوا الكثير للرواية العراقية كنجم والي وعلي بدر وحميد العقابي وصموئيل شمعون وحسين الموزاني وعبد الله صخي ولؤي عبد الإله وسلام إبراهيم.. من جانب فضلا عن كتاب الداخل وما حدث كما اشرنا الى وصول رواية "سعداوي" الى الجائزة الأولى في مسابقة البوكر، ومحاولات كثيرة أنتجت لنا روايات مهمة استطاعت إن تشكل علامة مميزة في مسيرة السردية العراقية، ولا أريد هنا إن اذكر أسماء لأنهم كثر وأخاف إن أنسى أحدا، ولكن هناك انجازات مهمة تحققت على يد روائيين عراقيين حفروا اسمهم في صخر السردية كخضير فليح الزيدي في رائعته "فندق كويستيان" وحميد الربيعي واسعد اللامي وسعد محمد رحيم وغيرهم الكثير
س: هل هناك قنوات تواصل بينك وبين أدباء العراق في الخارج؟
بالتأكيد...عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية، فانا على اتصال مع الكثير من الأصدقاء، اتصال شبه يومي بالشاعر والمترجم والناقد حسين عجه ولؤي عبد الإله وحسين الموزاني ومؤيد الراوي وصموئيل شمعون والقامة القصصية الكبيرة معلمي جمعة اللامي وهناك الكثير الكثير اعتذر إذا نسيت بعضهم.


اعلن الروائي والقاص محمد علوان جبر انه كتب نحو اربعين صفحة اختتم خلالها الفصل الاول من روايته الجديدة التي يعمل عليها بعنوان (البديل), مشيرا الى ان الرواية تتحدث عن رحلة عميقة لشيء اسمه وطن من منظار روائي عميق يجوب الافاق تحت ظروف سياسية واجتماعية اجبرته على السفر ومنها تبدأ
مقطع من القصة القصيره / المحطة نشرت في الحوار المتمدن
ــ حين تغادرين مكانك هذا............
انتظرت حتى يكمل الجملة ، وانشغلت بمراقبة المروحة التي كانت تدور
ببطء ، ادار الواقف قرب النافذة وجهه اليها واكمل ..
- وتسيرين ثلاث ساعات متواصلة فلن تصلي الى بداية المجاميع التي اكتظت بها الشوارع .
امتصت الجملة المهلهلة وبقيت على صمتها وهي تراقب المروحة
- انها تدور ...
رددتها مع نفسها كأنها تفسر الصوت المنبعث من الدوران البطىءللمروحة
- انهم يسيرون بلا توقف .. امواج جديدة تنظم الى امواج ..ويتصاعد غبار .
لم تعلق بل ازداد احساسها بالوحشة وهي تراقب زوجها الذى تخشب امام النافذة ووجهه يكاد يلامس الزجاج ، وهو يصيح ، منذ الصباح وهو يصيح ، وحينمالايجد اهتماما من زوجته يخفت صوته ، لكنه لايتوقف عن الكلام مع نفسه حتى وهو يخاطبها، وكلما يطلب منها ان تقترب من النافذة تمضي بلا مبالاة تدور في زوايا البيت الكبير وكأنها لم تسمع طلبه ...
- انهم يغادرون ...
سبق لها ان سمعت هذه العبارة عشرات المرات لكنها لاتريد ان تعرف مايعقبها من اشارات مبهمة ، فهي تعلم ان من الصعب ان يغادر احد " والا اين يمكن ان تذهب المجاميع التي يتحدث عنها" ...
- الشارع يرتج تحت اقدامهم .. الارض تنبسط والغبار يتصاعد سحابات بيض كما... ضحك ، " كما في الافلام " ادارت زر المذياع فتصاعد صوت ممطوط اضاف بجهد حاول ان لايظهره امامها ..
- لاينتهون .. المشهد ذاته .. المشهد نفسه، يتكرر ...
نحو بناء روائي…محمد علوان جبر
محمد علوان جبر ما الذي نعنيه بالرواية الجديدة… وهل الهدف هو تعبيد الطريق لتحقيق رواية عراقية؟ ثم ماهو المقصود بالرواية العراقية؟
وكيف من المفترض ان يكون شكلها ومضمونها؟ولماذا هذا البيان ؟
وهل تحتاج الرواية المعاصرة تحديدا إلى بيان يؤشر هويتها؟ وأعني بالرواية المعاصرة ـ الرواية العالمية المعاصرة ـ
أي تلك الموجة من الكتابة الروائية التي مرت بالكثير من التطورات الشكلية والفنية والتي حمل أغلبها روح عصرها الذي ولدت فيه، ممـا أهلهـا أن تكـون شـاهدا عـلى المراحل والحقب التاريخيـة.
الإنسان بالآلة عبر بوابات الثورة المعلوماتية، التي
استطاعت أن تفرض هيمنتها على القارئ، فبات القارئ الأول لروايات دوستويفسكي وبلزاك وهيجو، لاتهمه الثيمة والمصائر المتقاطعة لأبطال يقودهم راو يتحدث بضمائر مختلفة، فالآلة هيمنت تماما على اهتماماته، وبات ينظر إلى العالم من خلال شاشة الكومبيوتر، وهو يخترق الكثير من المعلومات محرك "الغوغل"…
إذن كيف نستطيع أن نجذب القـارئ المتخـم بالمعلـومات الهائلة والمعقدة التي تقدمها له التكنولوجيا التي بات عبدا لها.
فلنبدأ بما وصلت إليه الرواية المعاصرة من سبل في جذب القارئ وهذا هو ماتريد أن تحققه مجموعة من الروائيين العراقيين في إصدار مايشبه البيان، يتضمن معرفة العلاقة بين الإنتاج" المؤلف" والتلقي" القارئ"، والتركيز هنا على الرواية لما تمتلكه من مكانة أو مساحة كبيرة في الحراك الثقافي المعرفي، بيان يتناول كيفية وضع أساس
رواية عراقية، بيان يقوم على مسح أفق الرواية العراقيةـ على الأقل منذ التغييرـ حيث ضخت المطابع العربية والعراقية العشرات بل المئـات من الروايـات العراقيـة..
بيان يبحث في الموجة الجديدة للرواية عبر تناول جماليات اللغة والشكل الحر لرواية
تجمع بين ثناياها العمق والتخلص من الزوائد والخطاب المباشر الذي ربما يحيلها إلى مقالة،
رواية تغور عميقا نحو مراكز الجذب المطلقة عبر سياحة روحية إنسانية مؤسسة على مكملات سردية تتناول الواقع والتاريخ المزدحم والمتشابك.
اذن هذه الجماعة العراقية لاتريد أن تروج لنفسها أولا أو لأحد من دون الآخر..
بل هي تروج لرواية تعتمد المفاهيم الجديدة لتأسيس رواية عراقية جديدة مهمتها إيصال صوتها إلى المتلقي العراقي والعربي والعالمي.




اعداد- اياد خضير الشمري

عن المدون International Literary Union Magazin مجلة إتحاد الأدباء الدولي

مدون عربي اهتم بكل ماهوة جديد في عالم التصميم وخاصة منصة بلوجر
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
رسالة أحدث

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد