رابط صفحتنا الرسيمية

» »Unlabelled » الروائي عباس لطيف\ اعداد- اياد خضير الشمري



الروائي والمسرحي عباس لطيف: ( لا افرق في هوسي الكتابي بين القصة والرواية والمسرحية والنقد ).


تمتد تجربته الى اكثر من ربع قرن اقترنت بتعددية التوجه متنقلاً بين القصة القصيرة والنص المسرحي والرواية والنقد... في اكثر من ميدان يشتغل عباس لطيف لكنه تميز في منطقة السرد الابداعي اذ تهيمن على ترسيماته التقنيات الحديثة والمنهجيات الحداثوية لكن تجربته الثرية تميل بكفتها الى عالم المسرح تاليفا ونقداً وعلى مدى سنوات عديدة ظل عضواً فاعلاً في لجنتي قراءة النصوص والمشاهدة مستثمراً وعيه ومجساته النقدية في تقويم عشرات العروض التي ظهرت الى النور عبر قصصه ورواياته ومسرحياته عن مكابدات الانسان واستلاباته في واقع ملتبس .نال جائزة افضل رواية عراقية من قبل وزارة الثقافة 
( جائزة الابداع الكبرى ) لعام 2000 عن روايته (الاعالي). 
السيرة الذاتية للناقد والروائي عباس لطيف 
*بكلوريوس اداب / جامعة بغداد
*اصدر ثلاث مجاميع قصصية :ــ
( شقاء الذاكرة ) و( احتفاء بلون الحلم ) و ( مذكرات ساحة سعد ) 
*اصدر ثلاث روايات :ــ
( الاعالي ) و ( رماد المالك ) و ( شرق الاحزان )
*كتب الكثير من الاعمال المسرحية منها ( تراتيل الاحزان )
*فازت بجائزة افضل عمل مسرحي في منتدى المسرح .
*ومسرحية ( مرايا ) و ( الفزاعة ) و ( صمت البحر ) و( مظفر النواب يفتح الابواب)
*نائب رائيس رابطة نقاد المسرح في العراق
*عضو لجنة المشاهده وقراءة النصوص في دائرة السينما والمسرح 
*تراس القسم الثقافي لجريدة المشرق لمدة ثلاث سنوات 2003ــ 2006
*عمل مديرا للاعلام في دائرة السينما والمسرح 
*كتب ثلاثة افلام روائية ( الهجرة الى بغداد ) و (عمياء وقمر )و( فرسان الوهم )
*كتب فلما وثائقيا ( الفردوس ) اخراج محمد شكري جميل 
*عمل مشرفا على سيناريو فلم ( المسرات والاوجاع ) اخراج محمد شكري جميل 
*اسهم في الجلسات النقدية التي تعقب العروض في مهرجانات المسرح العراقي وعلى مدى سنوات 
*عضو اتحاد الادباء ونقابة الصحفيين ونقابة الفنانين 
*صدر له كتاب ( العشاء الاخير للطغاة ) 
*نفذ العقل الاستبدادي ــ دراسة في التاريخ والفكر 
*صدر له كتاب يتضمن سبعة نصوص مسرحية يحمل عنوان ( مظفر النواب يفتح الابواب ) 
*كتب النقد المسرحي والتلفاز والسينمائي 
*مدير تحرير جريدة العراق 
*يعمل خبيرا في وزارة الثقافة 
*له الكثير من المخطوطات في القصة والرواية



اجرينا هذا الحوار مع الروائي والناقد المسرحي عباس لطيف.
حوار / قحطان جاسم جواد
الى اي نوع تميل في كتابة النصوص المسرحية ؟
ــ- تستهويني كتابة الاعمال القادمة على التجريب المسرحي والبحث عن الابتكارفي ايجاد الشكل المسرحي الجديد واختزال الحدوتة الى شفرات داخل النص ويستهويني الاقتراب من الهم المحلي ولقد حصلت على جوائز في المسرح تطبيقاً لهذا المنهج في مسرحيتي (تراتيل الاحزان ) التي فازت بجائزة افضل عرض مسرحي في المهرجان الثالث عشر لمنتدى المسرح كما فازت مسرحيتي ( مرايا ) على افضل عرض وافضل اخراج للفنانة نغم فؤاد ونالت مسرحيتي ( الفزاعة )على استحسان واثارت الكثير من المبدعين حينما عرضت في مهرجان المسرح الفقير وهي من بطولة واداء شيماء جعفر وساهرة عويد ووظفت فيها اسلوب انشطار الشخصية.
* تعددت اهتماماتك الثقافية ومجالات كتاباتك الابداعية فانت تكتب القصة القصيرة والرواية والمسرحية والدراسات النقدية ... اين يكون فضاء حريتك اوسع واكثر اشراقاً ؟
ــ- اجد نفسي في ظل عملي اكتبه بصدق ومتعة واراني قد اكتشفت به زواية مهملة او ابتكرت فكرة على مستوى المضمون اوالشكل الجمالي فالاشكال غالباً ماتأسرني ولهذا اميل الى التجريب والكتابة الحداثية لانها تمنحني حرية من نوع خاص وتتلمس صوتك بعيداً عن الاستنساخ والتقليدية الجامدة و لا افرق في هوسي الكتابي بين القصة والرواية والمسرح والدراسة النقدية وحتى الكتابات السياسية .
ماجديدك في تعددية الكتابة ؟
ــ- انجزت كتابا نقديا موسوماً ( الافق المفتوح ) يجمع دراسات نقدية في المسرح والرواية والقصة وسانتهي قريباً من روايتي الجديدة ولم استقر على عنوان لها .
ودفعت قبل اشهرمجموعة قصصية جديدة اسميتها ( الدوران فوق مستوى الارشيف) وانتظر ان يتوفر الانتاج لمسرحيتي (الرجع البعيد ) الماخوذة عن رواية الراحل الروائي فؤاد التكرلي وهناك اعمال كثيرة قيد الانجاز مثل ( صمت البحر ) اخراج انس عبد الصمد و ( فالس ) اخراج نغم فؤاد و ( سبع البلام ) لستار خضير وكثير من النصوص التي تنتظر الظهور .


مداخلاته النقدية كثيره وحافله بالابداع :ــ 
الناقد والكاتب عباس لطيف هذه الرواية انتاب إلى ذهني الكثير من استنطاق البوح النقدي –أقحمتنا الكاتبة في عنوان شعري اولربما هناك خدعة أو لعبة فهي تريد شيء وتقول لنا شيء فلدينا فرضية شعرية ولهذا اشتغلت على رومانسية مضادة حيث اشتغلت على ايروكية الجسد والفقراء والوجود انطلاقا من نظرية الرجل والمرأة لاستنطاق واقع مأزوم - ففرضية الموضوع هي اكبر ما اشتغلت عليه في النص ---هروب الموناليزا — للكاتبة بلقيس حميد حسن ..رواية أم سيرة ذاتية
*لماذا نقرأ كتاباً مرتين؟
قال :ــ في الإعادة إفادة. فهل ان إعادة قراءة الكتب فيها إفادة ام أنها تتعلق بالحصول على معلومة نسيناها او لحاجة مؤقتة. ما الاسباب الكامنة وراء اعادة قراءة المنجز الأدبي؟ استطلاع أجرته (نرجس(.
حاولنا ان نلج هذا الموضوع للتعرف على آراء الأدباء حول ذلك في بدوره .
قــال الناقد والروائي عباس لطيف:ــ ان فكرة اعادة بعض القراءات القديمة لبعض المنجزات الادبية سواء لكتبنا او كتب الاخرين تخضع الى عدة اعتبارات الاولى ان الانسان بحاجة الى تجديد افكاره وتنويع مصادرة لاسيما ان الذاكرة لا تحتفظ دائما بكل القراءات السابقة مع وجود كمية النسيان لدى الانسان. كذلك هي نوع من العودة الى المنهج واستخدامه كمعلومة. مؤكدا أن «هذه المراجعة تأخذ طابعا مهما لا يمكن ان تنقطع عن الماضي والكتب القديمة, ذلك اننا بحاجة دائمة الى العودة اليها سواء للمقارنة او التنقيح او استدعاء ماضيها ومعايشة طقسها الذي كتبت فيه».
وعن قراءاته قال «انا دائما اعود الى روايات تذكرني بأجواء سابقة عشنا فيها مواقف وحكايات تذكرنا بزمن قراءتها.. اعود الى الادب الروسي مثل غوركي وتولستوي جايتوفسكي وهي الفترة التي تذكرنا بالاجواء المقيتة التي عاشها شعب الروكا في ظل نظام القياصرة. كما ادعو الى قراءة بعض منجزات الادب الاميركي كي اعرف نوعية الذهنية للكتاب الاميركيين وانعكاس ذلك على الشعب الاميركي. كذلك للتعرف على اجواء الحرب الاهلية في امريكا».
وأكد أن «العودة الى القراءات السابقة هي العودة الى الينابيع والطقوس التي كتبت بها هذه الاعمال. اما بالنسبة لاعمالي ورواياتي فأستمتع باعادة قراءتها كثيرا واعيش لحظات الانبثاق ولحظات ولادة تلك الاعمال واقراها وكأن احداً غيري كتبها ولست انا».


نقاد كتبوا عن اصداراته :ــ 
ناطق خلوصي : تعدد أصوات السرد في رواية ” شرق الأحزان 
تأتي رواية ” شرق الأحزان ” للقاص والروائي والمسرحي والناقد عباس لطيف ، امتدادا ً لروايتيه :”الأعالي ” و “رماد الممالك ” ومجموعاته القصصية الثلاث : ” شقاء الذاكرة ” و “احتفاء بلون الحلم ” و مذكرات ساحة سعد ” وغير ذلك من نتاجاته الابداعية في المسرح والسينما ، كاتبا ً وناقدا ً ، وقد صدرت عن ” دار الجواهري “مؤخرا بـ 164صفحة من القطع المتوسط تغطي واحدا ً وعشرين فصلا ً قصيرا ً .
يشي عنوان الرواية بالجو المأساوي الذي سيخيم على شخصياتها وأحداثها ومسار هذه الأحداث لاسيما ان الروائي اختار شخصياته من شريحة اجتماعية تنتمي الى طبقة مسحوقة ، مسكونة بالبؤس والمعاناة وقد غادرت أرضها في ريف العمارة قسرا ً تحت وطأة ضغط مظالم الاقطاع قبل ثورة 14 تموز لتجد لها في العاصمة ملاذا ً تواصل فيه بؤسها ومعاناتها .
لا ينفرد صوت واحد في سرد أحداث الرواية فثمة بضعة أصوات تتناوب على السرد بشكل متواتر أحيانا ً ، ينفرد الصوت الواحد بسرد فصل واحد من فصول الرواية بضميرالمتكلم، وقد يتداخل أكثر من صوت في سرد الفصل الواحد . ان تعدد أصوات السرد يمثل احدى سمات الرواية هذه. لقد أشار الروائي الى ان ” البوح الذاتي والتداعيات الداخلية لشخصيات الرواية وضعت بين قوسين ” ليضع بذلك حدودا ً بين صوت سردي وآخر، وبالتالي فإن السرد لم يتخذ مسارا ً أفقيا ً متواصلا ً . ان تعدد الأصوات هذا منح الرواية خصوصية النأي عن التقريرية ، مع ملاحظة ان كل الأصوات في الرواية ظلت تحت سطوة السارد الرئيسي ، ونعني به الروائي نفسه .
تنحو هذه الرواية منحيين : منحىً توثيقي ومنحى ً سيَري، يقترب أحدهما من الآخر أحيانا ً الى حد التداخل بفعل تماثل الوظيفة التي يضطلع بها كل منهما وعلاقتها بالأحداث . فثمة مسعىً لتوثيق بعض أحداث شباط 1963 ومعركة وزارة الدفاع و ” عبد الكريم الجدة الذي ربط جسده بسلاحه لئلا ينسحب لآخر رصاصة ” ( ص 11 ) ، وعمليه هروب عدد من السجناء السياسيين من سجن الحلة من خلال النفق الذي حفروه بأنفسهم ، ، ثم عملية هروب الضابط الطيار صلاح أحمد من سجن نقرة السلمان بعد أن كان قد نجا من قطار الموت ليلقى نهايته في صحراء السماوة . ان الرواية بمجملها توثق حياة العراقيين في واحدة من أقسى الفترات سياسيا ً واجتماعيا ً كانوا يجتازونها بصعوبة لاسيما في ظل ظروف الحرب العراقية ــ الايرانية التي توقفت الرواية عندها بتمهل . أما المنحى السيَري فيتعامل مع المكان والأشخاص معا ً . المكان الرئيس هنا مدينة ( الثورة ) التي يتناول هذا المنحى جغرافيتها : قواطعها وأسواقها وأهم المواقع فيها ، مع القاء الضوء على أصول تسميات هذه الأماكن ، وطبيعة الواقع الاجتماعي فيها والبعد العشائري لمجتمع توزع بين تقاليد الريف وتقاليد المدينة مع ما يحتمل أن يترتب على عملية التقاطع بين هذين النمطين من التقاليد وتأثر سلوك الشخصيات به .


فيما سألنا الروائي والناقد عباس لطيف : اي دور للنقد في العملية الابداعية ؟
أجاب :ــ النقد هو عبارة عن منهج للقراءة ، وهو القراءة الاستثنائية لاي منجز سواء كان مسرحا او تشكيلا او قصيدة او اي شيء ، اما دور النقد في العملية الابداعية فهو دور خطير بالتأكيد ، لان الكثير من المذاهب النقدية اسست وتنبأت وأطرت الجمال داخل العرض في اي اثر ادبي ، اما ان يلعب النقد دورا سلبيا ،فهذا غريب ، لانه لايمكن لاي ابداع ان يكتمل وان ينضج وان يتحسس التراسل مع المتلقي الا عن طريق التشخيص النقدي ، انا هنا اتحدث عن النقد اذا ما كان نقدا منهجيا حقيقيا موضوعيا قائما على اسس علمية او معرفية وجمالية ، اما ما يشاع الان من نقد صحفي ونقد اخواني ونقد ملائي ونقد تواطؤي ، وعندما نسخر من النقاد نقول ان لدينا نقادا خفرا ، في اي شيء تجده يكتب ، عن الطماطة والمسرح ، فهذا شيء اخر ، نحن لا نحتاج النقد العابر ، النقد المتخلف ، نحتاج الى نقد علمي موضوعي ، هو وحده الذي يقوّم العروض ويقوّم الاثر الادبي ، فتعريف النقد هو : كشف عن مواضع القوة والضعف في الاثر .
*كيف ترى واقع النقد العراقي؟
- واقع النقد الان بدأ يسيء ، وهذا مرتبط بشخصية الناقد ، فهل كل ناقد يكون موضوعيا ومنصفا وغير مزاجي ، وهؤلاء كثيرون ، والذي ساهم في هذا هو كثرة الصحف ، وكثرة الطارئين وسهولة النشر ، فالناقد عندما ينتقد عليه ان يمتلك ادواته ، ان يكون اختصاصي النقدي في مجال معين لانني اعرف اسرار الابداع ، اما ان انتقد مسرحية بشكل سلبي لان الممثل لا يعجبني او المخرج لديّ معه قضية شخصية ، لذلك من سمات النقد الاخواني الملائي المتخلف هو ان يقول : هذا اجمل وهذا احسن وهذا سيء ، هذه ملاحظات انطباعية اخوانية لا تنتمي الى النقد الحقيقي الذي هو موجه وهو مفجر ولا يمكن لاي حركة ادبية ان تقوم بلا دور ومراقبة النقد .
مقطع من دراستي النقدية عن رواية شرق الاحزان
التمفصلات الزمنية الكبرى والصغرى في رواية " شرق الأحزان "

أياد خضير 
يعد العنصر الزمني في الفن الروائي عنصراً جوهرياً وفاعلاً بل إنّه العنصر الحيوي الذي يستند عليه ويتشكل منه المتن الحكائي في الرواية على رأي الشكلانيين الروس لأن هذا العنصر هو الذي تدور في حيزه المتسلسل والمتداخل أو المنفصل أحداث الرواية وضمنه تتحرك شخوصها وتدب الحياة في أمكنتها ويتسارع هذا العنصر الجوهري عند الحوار و يتباطأ عند الوصف وتعدد تجليات الزمن في الرواية وتتنوع تمفصلاته ، وما نقصده من الزمن في الرواية هو ليس الزمن الفيزيائي المتسلسل ( ماضي ، حاضر ، مستقبل ) وما يرتبط بهذا الزمن من سياقات لغوية نحوية بل هو الزمن الذي يكون ضمن المتن الحكائي ووحداته التي تختلف عن تراتبية الزمن الواقعي ، بل هو زمن متشكل وفق معطيات وحركية الحدث ورؤية الكاتب وهذا الزمن متعدد الأوجه في تنوعاته حتى أن الناقد ميشيل بوتور يقدم لنا الزمن في الرواية على أنه عدة وحدات تتعالق فيما بينها فيقسم الزمن إلى ثلاثة أقسام هي : زمن الكتابة ، وزمن المغامرة ، وزمن الكاتب وكثيراً ما يتداخل زمن الكتابة مع زمن المغامرة بواسطة زمن الكاتب *1 إنّ الزمن في الرواية الحديثة هو ليس ديكوراً أو قالباً رتيباً بقدر ما هو عنصر جوهري وحيز حيوي يقدم من خلاله الكاتب ما حدث في سنين مقروءاً بساعة زمنية من زمن القارئ وأن هذا الزمن يمتد في المتن الروائي ويتقلص وفق ما تقتضيه اشتراطات رؤية الكاتب في نقله للأحداث ورسمه للأمكنة وبنائه للشخصيات ، فيكون للزمن في الرواية الحديثة وجود محوري تتحرك فيه تفاصيل العمل الروائي وليس مطابقاً لزمن القصة فزمن القصة هو ما يقصد به زمن القصة في الواقع لكن زمنها ضمن المتن الروائي هو خاضع لمعطيات واشتراطات أخرى وتكون المؤشرات الزمنية في الرواية غير متطابقة مع الزمن الواقعي فهناك حذف لسنوات وتكثيف لساعات وسرد عن أيام وتركيز على حقب وهذا ما يكون تهشيم لزمن فيزيائي تمحورت فيه أحداث القصة الواقعية حتى أصبح الزمن في الرواية بمستويات طباقية تنفصل تمتزج كالزمن السيكولوجي وهو زمن بواطن الشخصيات ومنولوجاتها وزمن الحوار وتصارع الشخوص كزمن براني وزمن الوصف الذي يصف الكاتب فيه تفاصيل الأمكنة والأحداث والشخوص وهناك زمن الراوي وما يسرده من تفاصيل لتشكل هذه التمفصلات الزمنية المتعددة الكيان الروائي وتربط بناه اللغوية فيما بينها ،لنجد أن النقاد الغربيين أعطوا أهمية بالغة أيضاً لزمن الحكي في القصة كما ميزه الناقد الدكتور خليل الحمداني بقوله : ( ليس من الضروري من وجهة نظر البنائية أن يتطابق تتابع الأحداث في رواية ما ، أو قصة ، مع الترتيب الطبيعي لأحداثها – كما يفترض أنها جرت بالفعل – فحتى بالنسبة للروايات التي تحترم هذا الترتيب ، فإنّ الوقائع التي تحدث في زمن واحد لابدّ أن ترتب في البناء الروائي تتابعياً ... إن زمن القصة يخضع بالضرورة للتتابع المنطقي للأحداث ، بينما لا يتقيد زمن السرد بهذا التتابع )*2 .
لقد كان عنصر الزمن وتجلياته في رواية ( شرق الأحزان ) للروائي عباس لطيف عنصراً محورياً وحيّزاً تتفاعل في مجاله الحيوي كل عناصر الرواية فلم يكن الزمن قالباً مجوفاً بقدر ما كان جوهراً متوهجاً وآصرة ترابط بما في هذا الزمن من مؤشرات زمنية متعددة ووحدات متنوعة من خلال التمفصلات الزمنية الكبرى والصغرى وما بينها من روابط ووشائج ، وهذا ما نحن قراءته نقدياً في رواية شرق الأحزان لعباس لطيف من خلال منهجية قرائية نقدية تستعرض أولاً ( التمفصلات الزمنية الكبرى ) في الرواية وتحللها لتنتقل إلى ما فيها من روابط ومؤشرات زمنية وتجليات تكون كواشف في زمن القارئ الذي سيتفاعل معه وتمنحه إشارات ودلالات متعددة من خلال قراءتنا المنتجة الواعية للرواية والتي ستتصدى قرائياً في محاور دراستنا إلى :
التمفصلات الزمنية الكبرى والصغرى : 
ونقصد بالتمفصلات الزمنية هي الوحدات الزمنية الموجودة داخل زمن السرد وفق معمارية الهندسة الزمنية في زمن السرد والذي ليس بالضرورة أن يكون مطابقاً لزمن القصة الواقعي ، فلقد كانت هذه التمفصلات الزمنية الكبرى في رواية شرق الأحزان ذات ثلاثة أجزاء تتفاوت في شغل المساحة الورقية وأيضاً من حيث السعة والامتداد في مقاطع الرواية فكان الجزء الأول يبدأ من المقطع الأول للرواية وينتهي في المقطع الثالث وهو كان بمثابة تجليات استهلالية تكشف وتوضح ماهية القصة وطبائع وهيئات شخوصها وملامح تخطيطية أولى للبيئة التي تحيا فيها الشخصيات وتجري فيها الأحداث كما كان لافتاً إن هذه الوحدة الزمنية ذات الثلاثة مقاطع في بنية الرواية الشكلية كان فيها مؤشرات زمنية تشير إلى زمن كامن وليس ظاهراً من زمن القصة وكان بمثابة نصٍ محيط نستدل عليه من خلال تلك المؤشرات عن ماضي الأب وقدومه من مدينة العمارة إلى بغداد وتطوعه في سلك الشرطة وقضائه سنوات في شمال العراق بين الجبال وموت شروق الطفلة التي تكشف عن حقبة سجن الأبن الكبير محسن وجذور العائلة وسكنها القديم في الشاكرية إنّ هذه الإشارات كانت تحيلنا لتخيل الزمن الكامن في هذه الوحدة التي كانت أصغر حجماً شكلياً لكنها كانت ذات كتلة دلالية كبيرة لما فيها من إشارات متوهجة :
(ارتسمت في ذاكرته صورة أبيه الذي لم يره منذ سنين إلا بإجازاته القصيرة فقد أفنى عمره في سلك الشرطة متنقلاً بين مدن وربايا وجبال الشمال ، وكان يصطحب العائلة معه أحياناً ، حيث أسكنها في كركوك والعمادية وسنجار ...) ص 10
( تلك الهجرة القسرية التي تصاعدت في الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات ، وكان أبطالها الفلاحين ، الذين كابدوا ظلم الاقطاع والشيوخ وطقوسهم الغريبة في إهانة الفلاحين والأتباع ووجد نفسه كما يروي ذلك مراراً أزاء مدينة كبيرة الكل يعدو صوب عمله الناس فيها وعلاقاتهم ليس كما هي في أرياف مدينة العمارة ) ص10 
لقد كان لهذه المؤشرات الزمنية دور محوري في كشف الكامن من زمن القصة ليشكل نصاً محيطاً مع زمن السرد ‘ فالوحدة الزمنية الأولى كشفت عن مؤشرات تهيأ القارى للتفاعل مع التمفصلات الكبرى التالية والملاحظ فيها أن زمن السرد فيها كان أسرع وتيرة من الوحدات التالية لأن فيها كان الزمن مكثفاً وليس تفصيلياً كان يتكون من مؤشرات زمنية دالة ولا يستغرق في التفاصيل كثيراً وكان فيه الحوار أقل لأن زمن الحكي فيه كان يعتمد على الراوي العليم من ثمة دخول الراوي المعروض ( الممسرح ) (وهو كل شخصية مهما بدت متخفية وتتداول الحكي وتعرض نفسها بمجرد ما أن تتحدث بالضمير المتكلم المفرد أو المثنى أو الجمع أو باسم الكاتب وضمن هذا النوع نجد انواعاً منها الراوي الراصد والراوي المشاهد والراوي المشارك ) *3 وبدأت هذه التقنية مع الشخصية محسن في سرد بعض الأحداث ليهيئ للوحدة الزمنية الكبرى التالية :
( استدار وقرّر تأجيل زيارة وزارة الدفاع إلى يوم آخر " لقد سلخ السجن مني سبعة أعوامٍ عجافٍ مرّت علي وعلى عائلتي وها أنا ذا أخرج عاطلاً عن العمل وكأني غريب لا أعرف ماذا أفعل ؟ . قد يكون الرفيق البرجوازي ، كما وصفه رشاد وحقل الدواجن هو طوق النجاة . لكي أغسل ذاكرتي من لعنة السجن وحكاياته الحزينة والمؤلمة ...) ص22


اعداد - اياد خضير الشمري

عن المدون International Literary Union Magazin مجلة إتحاد الأدباء الدولي

مدون عربي اهتم بكل ماهوة جديد في عالم التصميم وخاصة منصة بلوجر
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
رسالة أحدث

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد