رابط صفحتنا الرسيمية

» »Unlabelled » الروائي حميد الربيعي\ اعداد- اياد خضير الشمري


حميد الربيعي قاص وروائي عراقي عاش في الغربة مذ عام 1979 متنقلا بين الكويت وبلاد المغرب العربي والنمسا وحط رحاله ثانية على ارض الوطن بعد 30 عاما من الغربة.


سيرة ذاتية 
*عضو اتحاد الأدباء في العراق وعضو نقابة الصحفيين 
*غادر العراق عام 1979 إلى الكويت وعمل محرر لجريدة الوطن ومجلة الطليعة في الكويت.
* كتب أول قصة له عام 1976 .
*عمل مسؤولا للبيت الثقافي في النمسا ، 
*من أعماله –
– تل الحرمل – مجموعة قصصية
– سفر الثعابين – رواية عام 1987
– تعالى وجع مالك- رواية 2010
– جدد موته مرتين – رواية عام 2012
– دهاليز الموتى – رواية عام 2014



الأستاذ فاضل ثامر رئيس اتحاد الأدباء والكتاب في العراق السابق الذي قدم كلمة عن منجز الروائي حميد الربيعي ” دهاليز الموتى في الاحتفاء الذي اقيم في نادي السرد 4/6/2014 – حميد الربيعي يمتلك طريقة سردية ، شعرت فعلا ادخل غابة متشابكة ، يصعب علي الولوج فيها ..وحميد في جميع رواياته يتجنب الخط المباشر ، ولكنه مولع بالإيهام ، ولهذا لايستطيع القارئ أن يدرك ذلك وهو يقص بمقص ذكي من المقاطع ، للاسترسال بالكتابة .
ثم عرج الأستاذ فاضل على روايات المحتفى به ، :فقال- ” هناك شخصيات غريبة ولديه رمزية في كشف ممارسات النظام الدكتاتوري، ولديه الغموض وقال أيضا نحتاج أن نكون واقعيين أكثر، وأنا أثق بقدراته السردية وبذكائه ووعيه ، وأتوقع أن يكون له اسما في السردية.
في الاحتفاء بالرواية قال احدهم :ــ
يقال بخصوص ( دهاليزك ) ، احدهم وصفك بالساحر ، معتبرا أن صهرك للتاريخ مع صور المخيلة كان ممتعا ، بيد أني أرى بأنك قد تمثلت التاريخ بعدما جردته من وشائجه الاجتماعية فأعدت بناءه وفق مخيلة خصبة ، تماثلت مع ذاتية الشخوص وكأننا لا نقرا التاريخ ، كما وقعت أحداثه ، بل انعكاس لانفعالات الشخصيات ، فلم يعد هو الحدث العام ، أنما أصبح جزءا من واقع متخيل ، وان استعمالك للموروث الشعبي في هذا الإطار قد أمد إعادة أنتاج الواقع بنوع من النسق التصاعدي


سرد الخيبة والانبعاث
حسين سرمك حسن
يمكن تصنيف رواية القاص والروائي حميد الربيعي( سفر الثعابين ) على أنها من جنس الرواية القصيرة بالإنجليزية Novelette أو الأقصوصة الطويلة، وهي الرواية التي يترواح عدد كلماتها ما بين 10.000 كلمة و 20.000 كلمة، أو أكثر من ذلك تبعاً لعدد كلماتها أو عدد صفحاتها . فإذا كانت من نوع الرواية الصغيرة غلبت عليها تقنية الرواية، وإذا كانت من نوع الأقصوصة الطويلة غلبت عليها تقنية الأقصوصة. ومن أحسن الأمثلة على الرواية القصيرة موت في البندقية عام 1912 للكاتب الألماني توماس مان، و الشيخ والبحر عام 1952 للكاتب الأميركي أرنست همنغواي.
وعدد كلمات رواية سِفر الثعابين هو 11377 كلمة تقريبا. ورغم توفّر الكثير من الشروط الدقيقة التي أوردها الباحث السابق، فإن هناك شروطاً أخرى لم تتوفّر في حين أن نقصانات واضحة، وأحيانا فادحة، على المستوى اللغوي والتصويري والفنّي والبنائي المتعلقة بالفن السردي عموما، يمسك بها الناقد المحلل، وتؤثر في التقييم النهائي للرواية، ومدى توفّرها على اشتراطات الفن السردي الناجح. وفي وقفتنا التحليلية هذه ينبغي أن لا تنسينا الإشتراطات السابقة الجهد المميز الذي بذله الروائي في التوظيف الخلّاق لموضوعات مهمة مثل القهر السلطوي والطغيان وانسحاق الإنسان، الغياب والإنتظار والإنبعاث، أسطرة إرادة الإنسان المقاوم وسلوكه.. وغيرها. مثلما نجح ــ من الناحية الفنّية ــ في توظيف آليات الإرتجاعات الفنّية، وتعددية الأصوات، والحوارات الداخلية، لعبة الإيهام، والتصوير الفني.. وغيرها، مما سنتوقف عنده تفصيلياً.

حاورته/اسيل احمد السوداني الرواية جنس ادبي حافل بالشخصيات وتثكثيف في الحوارات وتمتاز بالوصف (المكان والشخصيات ) وطول الزمن ، والروائي مثقف
كيف كانت بدايتك؟
*ـ بدأت بكتابة القصة القصيرة في اواخر السبعينات ونشرت لي قصتي الاولى في جريدة التآخي العراقية وجريدة الرافد وابرز عمل قصصي ابرز شخصيتي في الساحة العربية قصة (كان مزهرا مثل شقائقية) ونشرت هذه القصة القصيرة اول مرة في مجلة الطليعة ونشرت في مجلة الطريق في بيروت وعملت محرر في الصفحة الثقافية في جريدة الوطن الكويتية ووصل عدد القصص القصيرة الى خمسة وخمسين قصة قصيرة نشرت في صحف ومجلات مختلفة وسيتم حاليا اعادة طبع قصة (كان مزهرا مثل شقائقية) في العراق وسيصدر العدد في مجلة الاديب العراقي التابعة لاتحاد الادباء وبعد ذلك تحولت لكتابة الرواية وفي الاخص في عام 1986 انا اعتبرها نقلة وتحويلة مهمة في حياتي واول رواية لي هي (سفر الثعابين) التي طبعت في دار الهمداني ويعود الفضل للشاعر العراقي سعد يوسف في نشر هذه الرواية.
صدرت كتابا عنونته (الرواية) بودنا ان تطلعنا على دلالة العنوان الذي نعتقده مثيرا وما هي رؤيتكم بعناوين الروايات؟ ـ
رغم التغرب الذي عشته على مدى سنين حياتي فقد استفدت من خلال الاحتكاك بالثقافة العربية والعالمية والاطلاع على المدارس النقدية والفنية فانا اعمل على تجميع المقالات التي اخذت صداها في الساحة العربية بل حتى العالمية لترسيخ السرد الروائي في العراق وانا ابشر بمدرسة السرد الروائي في العراق ونجاحها اما بالنسبة لعناوين الرواية يجب ان يكون عنوان الرواية في بعدين اولا لما تحتويه من اشخاص ومكان وزمان تخص الرواية والثانية يجب ان يحمل العنوان دلالة تأويلية للحدث وروايتي الاخيرة التي ممكن ان تكتمل هذا العام والتي اسميتها (جدد موته مرتين) وتعتبر هذه اول رواية لي في العراق. * في مضمون روايتكم دلالات نرجو ان تطلعنا عليها؟ ـ ـ دعيني اتكلم عن روايتي لعام 2010 التي صدرت عن دار الينابيع في دمشق. فانا اكتب خلال رؤية معينة من خلال البعد النفسي والبعد الزماني والبعد المكاني واخذ الحدث الذي يثير الاحساس واعيد صياغته من خلال واقع مر به البلد او شخصيتي واجسده بصور واضيف اليه الفكرية التي يجب ان تكون مطروحة من المجتمع وملخصا اخيرا الدلالة بمعنى المفهوم الثقافي هي الرؤى والافكار التي تقود الحضارة نحو الثقافة والتقدم. * شخصيات الرواية من ضمن علوم السرد الروائي ما هي العناصر التي تميزت بها الشخصيات في الرواية؟ ـ بالنسبة لي في رواياتي اجد الحدث البسيط (التشعب العائلي) للانسان لكن لا اقدر ان اضع رواياتي في تعديلات يمر بها المواطن من خلال الكهرباء والماء. انا اعتبر الموروث السومري هو الاساس لان الصورة السومرية والبابلية هي الاقرب للنفوس على مستوى العالم لان من الحضارة السومرية والبابلية بدأت الحياة وهو الافضل نقله في رواية تخص ثورة معرفة وتراث. * اذا كانت المدينة فضاء الرواية فهل هي ادواتكم السردية خصصت لمكان المدينة ام احتوت جوانب ريفية؟ ـ انا ابن الريف ولكن لا اعرف ان اكتب اطلاقا عن الريف فلنرجع الى الحقيقة ان اصل الرواية اوربي في القرن 16 / 17 كان هناك حاجة لاكتشاف شيء جديد احدث من الحكاية التي تحكى عن طريق الامهات كما في رواية (موقد النار) وغيرها. احب ان اوضح نقطة مهمة ان الرواية بنت المدينة فلا يمكن ان اعمل فيها في الريف من الممكن لروائي غيري ان يعمل بها لكن انا لا استطيع لان الرواية هي التاريخ الذي ينقل الحزن والفرح والالم ونتكلم عن شوارع المدينة واحداثها الواقعة. * هل استفدت من الملاحظات النقدية التي اوردها النقاد فيما يخص رواياتك؟ ـ اعتقد ان النقد في العراق متخلف بخصوص السرد الروائي وممكن ان يكون ناجحا في الشعر وخاصة بعد عام 2003 لا يستطيع النقد متابعة ومواكبة الرواية وانا اعتبر النقد العربي هو اكثر متابعة وقراءة ومواكبة لرواياتي حتى بعض النقاد كتبوا مقالات على اعمالي من ضمن النقاد حسين سرمك المقيم في سوريا وتم نشر المقالات على الانترنيت وبعض الصحف العربية واحب ان اشير الى نقطة مهمة ان طلبة الماجستير في الجامعات العراقية اشروا لروايتي من ضمن المواضيع التي اعد عليها رسالة الماجستير. * ما هي مقاربات الرواية العراقية مع قرينتها العربية الاخرى ونحن نقترب من الرواية الاغاربية التي لها ثقلها ومكانتها باعتبارها موطن الرواية.؟ ـ الرواية العراقية التي تكتب بالغربة تعتبر منافسة للرواية الاغاربية. * الى ما تعزو ظاهرة انتشار المطبوعات الروائية في الوقت الحاضر؟ ـ تعتبر الرواية كما ذكرت هي التاريخ المتحرك والقارئ يريد ان يعرف ماذا يجري في الحياة لانها تؤثر على نفس القارئ من حزن وفرح والرواية الان هي الاكثر بروزا لانها تنقل واقع المواطن. * هل حصلت على شهادة تقديرية في العراق او خارجه؟ ـ انا لم احصل على اي شهاة تقديرية او مبلغ مالي انا اعتبر زياراتي الشخصية للروائي (اغارنيا ماركيز) في سنة (1985) في برشلونة هي اكبر شهادة. لي واستطعت ان استفيد منه في بعض الملاحظات. في كيف اكتب الرواية وكيف اتناول الموضوع. * كلمة اخيرة؟ ـ احب ان اقدم شكري وتقديري لجريدة (البينة) لمتابعتها للشؤون الثقافية العراقية واحب ان يعود الامن والامان للعراق من اجل نشر الثقافة العالمية في العراق بصورة صحيحة.


حوار عبد الرضا غالي الخياط 
س : أصدرت مؤخرا قصص" بيت جني " أثارت ومازالت تثير جرأتها الكثير من الاحتفاء والاهتمام،وفيها صدمة مجتمعية ، فما الذي كنت تسعى له ؟
التاريخي ، لابد لهذه الطلائعية من ان تكون مؤثرة في تركيبة المجتمع ، سواء إن كان انيا أو لاحقا.الواقع الاجتماعي لمدينة بغداد وعموم العراق يحتاج إلى التفجير،بسبب كثرة الطرق عليه سابقا من الأنظمة فاتخذ جانب الركون والسكون،ثم ان المدينة بدأت تتآكل ، موروثها وأزقتها وبناياتها وحضارتها.لابد من نبؤة تقال بقوة ، كما وصف الروائي خضير فليح الزيدي المجموعة بان الكاتب طرح نبؤته بما سيحل بالمدينة والمجتمع ، من هذا الجانب أطلقت 15 فتاة مشاكسة وتثير الزوابع ورائها في أزقة المدينة.
س :الموروث والأساطير تألق في السرد،ما مدى تعلق الرواية بهن ؟
ثمة منابع روحية وقيم ثقافية تشكلت في بدء التكوين ، عندما كان الإنسان يبحث عن تفسير الظواهر التي تحيط به ، هذه القيم بمقدار ما كانت نقية التوجه بمقدار ما كانت صادقة في طرح الحلول إمام معضلات الإنسان ، وهي بنفس الوقت استطاع الوجدان الشعبي من أعادة صياغتها بما يتطلب من عصرنه وتكافل،إمام تشظي المجتمعات الحديثة.ان اعادة سبر غور الأسطورة في السرد الحديث،إنما هو اتكاء على قيم إنسانية ، تستطيع إن تأخذ بيد الحضارة الحديثة في خلق أفق معرفي، ينير درب الحياة ، في بناء مستقبلها


قالو عن منجزه الابداعي
& رواية حميد الربيعي (تعالا وجع مالك ) تمارس مغامرتها مستفيدة من امكانيات السرد العالي كي تؤسس سردا آخر وهي عمل سردي جميل تستحق ان توضع في مكانها من العناية والاهتمام «
الناقد بشير حاجم استنتج ان الربيعي يستخدم تقنيات عدة ولا يسلّم لنا الحدث بسهولة
& القاص خالد ناجي استخلص خمس سمات هي القاسم المشترك في اعماله «
انا قرأت روايات الربيعي وطلبت نصوص قصصه القصيرة وقرأتها ومنها ( كان مزهرا منذ شقائه ) واستخلصت بعض السمات المشتركة في اعماله وهي :
الاهتمام بالصورة والاعتماد على اشتغالاتها مثل تناول صورتين او اكثر في مساحة ضيقة ، تداخل صوت الراوي ، عدم الالتزام بالتراتبية الزمن يتداخل بانسيابية وتمضي نهاياته بسلاسة وهو لم يغادر اسلوبه وهذا دليل اصالة اسلوبه ، اعتماده اسلوب الجمل القصيرة حتى يبدو النص مقطعا ، هو كاتب منفعل و علاقته بالواقع لا تبتعد عن الانفعالية وفي بعض المواضع تصل انفعاليه حد النزق ، واستخلص من هذا ان الربيعي يصب اهتمامه على انتاج نص يقترب من الحداثة ، وقرأ نموذجا من قصة ثمانينية للربيعي

& الشاعرة حياة الشمري اشارت الى اهتمام الكاتب بالاسطورة «
انا اغيب مع شخصياته عندما اقرؤه لانني وجدت اعماله اهتمامه بالاسطورة والرمز فهو يستلهم التاريخ ويربطه بالتاريخ القديم في اعادة تشريح الواقع ، ويستخدم رسم الصورة في خدمة السرد


رواية حميد الربيعي ( جدد موته مرتين ) ..
ديناميكية العتبات النصية في إنتاجية النص الدال 
أياد خضير
الرواية هي جنس أدبي له عناصره التكوينية وهويته التي تجنسه عن باقي أجناس النثر من خلال محدداته التي تكسبه استقلالية بحد ذاته وانتمائية لمحيطه السردي ، لكنّ عناصر البناء الروائي تجعل للرواية هوية جينية وفق الحيز الإبداعي من حيث الجانب الشكلي والتركيب البنائي الداخلي وما يحيط به من نص محيط أو يتموضع ضمن مجاله الحيوي الدال من نص فوقي أو دلالي كامن موازٍ للنص المقروء ، فقد أعتبر بيرسي لبوك الرواية هي شريحة نسيجية من الحياة يظهر منها المقروء ويتموضع في فجواتها الكامن والفوقي الذي ينتج من خلال المقدرة التأويلية ، لذلك تعد الرواية عالماً موازياً للواقع وهذا العالم يتكوّن من عدة مستويات نصيّة سواءٌ أكانت سرديّة أو حوارية أو وصفية ، لكن ما يرفد هذه البنية التكوينية ويدور في فلك النص المكتوب هو ما يعرف بمصطلح ( النصّ المحيط ) والذي يعرّف نقدياً ( ما يدور في فلك النص من مصاحبات .. من عنوان الرواية و والعنونات الفرعية والإهداء والاستهلال ... ) (1) وهناك أيضاً من يعتبر حتّى لوحة غلاف الرواية والتصميم الخارجي هو من ضمن عناصر النص المحيط ، وتعد عناصر النص المحيط قاعدة بيانات متوهجة تحيط بالمتن الروائي ، وتحديداً عتبة عنوان الرواية لأنّها قاعدة البيانات الأولى التي يتصدّى لها وعي القارئ المنتج لإنتاج أطر أولية إدراكية لفحوى النص وحيزه الحيوي ومجاله المادي ما دفع الناقد جيرار جنت إلى تسميته بـ ( المنطقة الفضائية والمادية من النصِّ المحيط والتي تكوّنت من المسؤوليّة المباشرة للناشر ) (2) وهذا يحيلنا إلى ديناميكية العنوان الرئيس والعنونات الفرعية في إنتاجية نصوص موازية وفوقية دالة تجعل المتن الروائي ذا حركية دافقة ، ولا يخفى عند تصدينا لعنوان رواية حميد الربيعي ( جدّد موته مرتين ) من طاقة هذا العنوان الإيحائية والكامن فيه ومدى إرتباطه عضوياً ببنية المتن الروائي من حيث تفكيك العنوان لمكوناته اللفظية والتي خرجت من معناها المعجمي الضيق لتكتسب مستويات دلالية جديدة ضمن التركيب الذي تموضعت في أجزائه فعتبة عنوان ( جدّد موته مرتين ) تحيلنا لإنتاجية مراحل زمنية من خلال دالة (الموت) والمفارقة الكامنة فالحياة هي المضاد للموت وهي من تتجدّد ليضعنا الروائي من أولى خطوات قراءة عمله أمام مهمّة تأويلية منتجة ومجتهدة في إنتاج معاني ودوال جديدة لا تقوى القراءة التفسيرية على سبر أغوار المعاني المتموضعة في فجوات العنوان والتي فيها من حيث الصعيد النحوي هذه الحركية الفعلية المستمرة مع الفاعل الكامن (هو) .
لكنّنا نجدُ أنّ السارد حميد الربيعي أدرك الطاقة التحفيزية للنصِّ المحيط أيضاً من جانب ( العنونات الفرعيّة ) والتي منها شخصي أو مكاني أو زمني أو ذاتي في تقسيم مقاطع روايته وفق عناوين ديناميكية تساهم مساهمة فاعلة في إثراء إنتاجية النصّ الدال ، وهو ما يعرف بـ(النصيّة المصاحبة) والتي ترتبط عضوياً بنسيج المقطع الذي تتصدره وكانت هذه ( العتبات النصية ) مكمّلات متممة لنسيج النصِّ الدال و محفزة لفعل القراءة ، فالراوي حميد الربيعي استخدم التقطيع والتفكيك لتكون هذه العتبات لها دور في تحديد نوعية القراءة ، ومرتبطة بالنص عضوياً ومنتجة لنصٍّ موازٍ فكانت ( العتبات النصية ) في رواية ( جدّد موته مرتين ) على وفق ما يلي ( رحلة عزيز ، العرس ، رحلة الخضيري ، الجامعه ، رحلة مريم ، الفحام ، رحلة داعرة ، سعدون ، رحلة دلون ، الرئيس ، المجاري) هذه العتبات هي ضمن رواية عراقية شخوصها واقعية وسردها متخيل على لسان الراوي العليم تارة ، وتارة أخرى على لسان الشخصيات (نجم الفحام ، سعدون ، عزيز على اكبر ، ميرزا ) وهو ما يعرف بتعدد الرواة والذي يكسب النسيج الروائي طاقة وحيوية دافقة ولكن ما سوف نتصدى له هو العلاقة الحيوية بين العتبات النصية وبين المتون التي ارتبطت بها فنجد من خلال عتبة المقطع الأول والتي بدأت الرواية به ( رحلة عزيز )


( حين سئل عن وظيفته رد بتلقائية :
ــ اخصي الرجال ) ص5
توحي بأنّ صاحب الوظيفة له سطوة أو سلطة تعسفية في المجتمع ، عند الخوض في قراءة السرد يتضح بأنّ نجم الفحام له صولاته في شوارع بغداد يخصي الرجال ، الكثير يهرب منه ويتجنبه هنا يتجلّى مدى ارتباط عتبة عنونة المقطع الأول رحلة عزيز بمتن المقطع من حيث السطوة وليست التسمية ليتوسع الروائي في توضيح مدى الارتباط بين العتبة والمتن .
( فهذا الرجل الوحيد الذي امتلك الرغبة والمقدرة على لوي الصفن ، حتى ان طريقته مميزة ولا يشوبها اي خطأ في عائديتها له . وأنا طبعا لم اطرح على نفسي سؤالا عن ماهية هذه الرغبة المجنونة لديه بملاحظة بيوض الرجال من دون سواها من اعضاء الجسم ) ص8
عندما اختار السارد في المقطع الثاني ( العرس ) عتبة للمقطع فهو قد هيّئنا للولوج في أعماق هذه المناسبة الاجتماعية واختلافاتها بين الشعوب فالعرس مرتبط عضوياً بالعادات والتقاليد في منطقة عكد الاكراد وهو المكان الذي يؤسّس الراوي لمخيلته السردية حقائق تاريخية وجغرافية ووقائع تخيل سردي يجسدها راوٍ عليم ، فالأحداث والشخصيات رغم أهميتها وضرورتها في الكثير من الأحيان يحتاجان إلى مكان تجري فيه الوقائع والأحداث وتتشكّل وتتكوّن فيه أبعاد الشخصية الروائية ، الفضاء المكاني ( الطوبوغرافي والجغرافي ) ، الاشخاص في هذه المناطق بعضهم غلاظ أشداء ، شباب الصدرية يقومون بحركات يغيضون بها شباب الفضل ، فتحدث مشاحنات على طول الشارع حتى تقاطع سينما الفردوس ، هذه المشاحنات أصبحت مألوفة للجميع بمرور الايام ، وكذلك سباقات الطيور التي تُنسي الهموم والضغائن ، فوق السطوح تربّى الطيور في اقفاص ، انواع كثيرة منها ، الزاجل / الفخاتي / الدرّاج في وقت العصر يبدأ السباق ..
إنّ القراءة الواعية التي تنتج فهماً للمعنى للعتبات النصية والعنونات الفرعية تقودنا نحو تأويلية واعية فمن قراءة العنونات الفرعية نجد تعدد الرواة والساردين وهو ما يكشف أبعاد بعض الشخصيات المركزية في الروية ويستبطن أفعالها وتصرفاتها وأثرها في حركية الحدث وتنامي الصراع فمن أهم العتبات الفرعية هي شخصية (أم خليل) لها دور فعّال ومنزلة في عكد الاكراد وهي في المقابل شخصية متناغمة ومتفاعلة مع شخصية مركزية وهي شخصية نجم الفحام فشخصية أم خليل بؤرة مركزية وعتبة مهمة لإنتاج مستويات فوقية وكامنة والنص الفوقي كما يعرفه جيرار جنت ( هو كلُّ عنصر مناص غير ملحق بالنص لكنّه يتحرك بحرية وسط فضاء فيزيائي واجتماعي مضمر غير محدود ) (3) هنا كان لشخصية أم خليل طاقة إيحائية عالية وترميز متعالق مع دلالات متعددة فهي الأم بكلّ تجليات المعنى و ترتبط به بترميز ذي خطوط دلالية متشعبة بتداولية متوهجة و بها تحلُّ بها وتتحد كل رموز القوة والحنان والأرض والقداسة .
( من يعترض على إرادة ام خليل فهي السيدة المبجلة في عكد الاكراد وسائر الاحياء المجاورة اخذت منزلتها على مر الايام وبالذات بعدما صارت ام الشهيد في حادثة مشهورة في تاريخ بغداد كلها ذلك لان خليلا اعترض رتل دبابات اقتحمت المنطقة منذ عشر سنوات خلت ، عطل الرتل ثلاث ايام ، كان يطلق الرصاص من فوق السطوح وفي النهاية تبول على الرتل ) ص11
اصبح لام خليل شأن كبير في حل النزاعات في المناطق لان كلامها مسموع وهي ام لكل الشباب فهي تقدم الشاي ابو الهيل في العشره الاولى من محرم وتقيم تشابيه ( عرس القاسم )بمساعدة نساء المنطقة.
استطاع السارد من خلال شخصية نجم الفحام أن يجعل من عتبة هذه الشخصية محوراً فاعلاً ومركزياً في إنتاجية (النص الدال) فهذه الشخصية وما فيها من مستويات متعددة وما تحمله من صراعات داخلية لها تجلياتها وإسقاطاتها على النسيج الروائي فعلى الرغم من كل ما حملته هذه الشخصية من تناقضات تتجسد في الرواية قصة حب بين (نجم الفحام) خاصي الرجال الذين يعترضونه ويصادرون حقه في الحرية والحياة ، الذي يملك القوة وهو شخصية بارزة في المجتمع مع ( مريم ) التي تمتلك الجمال والحسن .
( مريم قمر عكد الاكراد والياقوتة المتلألئة لم يخلق مثل جمالها في كل احياء الصدرية ، بيضاء ذات قوام ممشوق وخصر تقف عليه الطيور ، عنقها مثل منارة تهدي الضالين ، لها قدمان مثل رسغ عصفورة تلامس الارض ) ص18
وأيضاً منحنا النص معرفة محاولات نجم الفحام وإدراك لواعج شخصيته ونزعاتها الداخلية من خلال محاولة نجم الفحام يجري وراء اخصاء الرئيس حينما سنحت له الفرصه بمقابلته لكن لم يفلح .
( لم ينهض ادرك سطوتي فرن الهاتف على مراسله . كنت الج باب المغادرة مخلفا ورائي هاتفا يرن على سعدون وعينا الرئيس تتطاير شرراً اعوام السعي مراء بيضتين معلقتين في الخفاء ضاعت هباء , مندحر وخائب وخائر القوى ، تاكلني الحسرة على ضياع الفرصة التي انتظرتها العم كله ) ص 17في عام 2003سقوط الصنم
لقد كشفت شخصية نجم الفحام مستوى ملحمي بطولي تمثل في تقلبات حياة البطل وسقطاته التي تكون نقاط إنعطاف في أحداث الرواية وتمنح النص طاقة متحركة وتمثلات رمز البطل في هذه الشخصية والتي كانت بؤرة مركزية تشحن النسيج بدفق إيحائي متوهج ومتعدد المستويات بقوته الترميزية :
(أنبأني جليل حيدر بنى تمثالا له في ساحة . حر الظهيرة يلسع قفاي وأنا اسرح نحو الساحة ، لم اشهد سقوط الصنم ، وجدت صبيا يضرب راس الرئيس بنعاله )ص187
ينتهي الرئيس بإخراجه من حفرة اشعث الراس واللحية ، بعد اكمال المحاكمه شنق وانتهت حياته .يقال ان نجم الفحام اختفى الى الابد ، مات او قتل في فينا .
( نجم الفحام اختفى الى الابد . لقد شيع اصحابه جنازة بجسده الى المقبرة ) ص177
( اذا ظهر الفحام ثانية ، فلا يحق له معاتبتي فقد ملتكه قدرات فوق ما كان يحلم به )ص195
إنّ الرواية في متنها السردي تحكي سنوات القهر والقمع للسلطة الدكتاتورية التي لاتزال آثارها على الواقع العراقي والسياسي للكرد الفيلين في محلة الاكراد وابو سيفين والصدرية لحد الان .. ذكريات مؤلمة شهدها العراق في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي ، قرارات قمعية للسلطة الدكتاتورية ضد شريحة الاكراد الفيلين ، وهي فئة تعاني من نيسان عام 1980 السلطة التعسفية بحجة تبعيتهم الايرانية ، قامت السلطة الدكتاتورية بتهجير ألاف العوائل الى ايران وسحب الجنسية العراقية بالعنف ، رحلت ام خليل وام مريم ومريم وكل العوائل في المنطقه الى قلعة دزة شمال السليمانية ، تتعرض هذه المدينه بالقصف بالقنابل وتهدم البيوت على رؤوسهم فتستشهد ام مريم وأم خليل التي وجدت تحت الانقاض واضعة على صدرها صورة ابنها الذي تهشم الزجاج عليها وأصبحت ملابسها السوداء رمادية من التراب ، تسبى مريم مع الفتيات الى مشارف الصحراء ونتيجة ابتعادها عن حبيبها نجم الفحام واستحالة اللقاء به تزوجت من شخص آخر حتى يحميها من التشرد هذا المتن كانت للعتبات النصية وظيفة فاعلة في تهيئة القارئ الواعي وتفاعله مع مجريات الأحداث وهي كانت تقود المتلقي للملمة خيوط النص السردي بغية انتاج الدلالات وسطوع معانيها فالتقطيع النصي في الرواية اضاف لها فيض دلالي وارتبطت عتباتها النصية ارتباطاً عضوياً بشخصيات مهمة تسرد الحكي ، مشكلةً فضاءً متنوعاً ، رواية حميد الربيعي ، رواية الحب والعشق ، رواية الكراهية والظلم وانتهاك الحريات وتدمير الانسان وتهجيره ، رواية متعددة الاصوات وثق ما يمكن توثيقه من احداث وقرأ تاريخ العراق خلال تلك المرحلة ، سلط الضوء على شريحة مهمشة كانت تسكن بغداد قديماً الكرد الفيلين ، فهي تاريخية واقعية بسرد متخيل فكانت اسلوباً ادبياً رائعاً يجسد تيار الوعي ..



1- العتبة النصية / الدكتورة نادية بوشفرة / بحث مقدم لجامعة مستغانم كلية الآداب والفنون ص1
2- (عتبات جيرار جنت من النص إلى المناص ) تقديم سعيد يقطين ، الدار العربية للعلوم بيروت ط1 /2008 ص 49
3- المصدر السابق

اعداد- اياد خضير الشمري

عن المدون International Literary Union Magazin مجلة إتحاد الأدباء الدولي

مدون عربي اهتم بكل ماهوة جديد في عالم التصميم وخاصة منصة بلوجر
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
رسالة أحدث

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد