(الاهوار.. كلمة توقظ في داخلي أطياف الطفولة.. )
ومن المعروف ان الجيل التسعيني، الذي ينتمي اليه المجر، تميز في كونه الجيل الذي فاجأت غضاضة عمره الاهوال التي عاشها البلد منذ العام 1980 وصولا الى الاطاحة بنظام صدام الذي حدث في مرحلة مثيرة من تاريخ العراق، سبقها حصار حديدي قاس وحربان استمرت الاولى ثماني سنوات، فيما كانت الثانية مطلع التسعينيات مدمرة بكل ما تعنيه الكلمة، وقد توزعت رؤى الادباء من قصاصين وروائيين، وسط تداعيات هذه الاحداث الكبيرة، وكل واحد مدفوع برؤيته للأسباب التي وقفت وراء ما حصل، حيث يشهد العراق اليوم تدفقا غير مسبوق في الاعمال الروائية والقصصية.
ما يتبقى للنسيان" مجموعة قصصية ضمت 11 نصا من بينها أنين الضفدعة، أحلاف، الثمن، لعبة كبار، رقصة الشيوخ الاخيرة، مع نص في المكان، بعنوان "آثار أقدامي الصغيرة" وأخرى.
في هذه المجموعة، يتوقف القاص المجر في اكثر من نص متأملا الفوضى التي تعصف بالعالم اليوم في ظل تغوّل الرأسمالية، والقسوة التي مورست ضد الشعوب او الدول، التي لها توجهات متعارضة مع نهج العولمة، ويظهر هذا جليا في قصته "أحلاف" التي تدين وبشكل غير مباشر منطق القوة والأحلاف العسكرية التي ينسحق تحتها الانسان منذ الازل الى اليوم، في متوالية دموية، تأخذ أشكالا عدة من دون أن يتغير الجوهر، وكذلك آثار الحصار على الحياة الاجتماعية كما في نص "الثمن"، وأيضا يتوقف في نصه "أنين الضفدعة" عند حالة إنسانية يتداخل فيها الواقعي بالفنتازي، وصولا الى مقولة، تكاد تجتمع عندها القصص جميعا، وهي الانتصار للحياة الانسان قبل كل شيء.. جريدة العالم
عبد الامير المجر
al_majar@yahoo.com
ـ أديب وكاتب سياسي وصحفي عراقي
ـ تولد عام 1962 ـ المجر الكبير ، ميسان ـ العراق
ـ عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق .
ـ عضو نقابة الصحفيين العراقيين وعضو اتحاد الصحفيين العرب .
ـ سكرتير تحرير مجلة الاقلام التي تصدر عن دار الشؤون الثقافية العامة في وزارة الثقافة
ـ عمل في العديد من الصحف والمجلات العراقية منها
- مسؤول الصفحة الثقافية في جريدة الوزراء
- مسؤول الصفحة الثقافية في جريدة القلعة الاسبوعية
ـ مسؤول صفحة رأي في جريدة المشرق اليومية
ـ يكتب المقالة والعمود السياسي والثقافي والصحفي
صدرت له الاعمال الاتية :
1ـ تهجدات الصحارى ـ مجموعة قصصية ـ عام 1999
2ـ مستنقع الافاعي ـ رواية تسجيلية ـ عام 2000
3ـ حزيران الجهات الاربع ـ رواية ـ عام 2001
4 ـ ليلة العصفور الاخير ـ مجموعة قصصية ـ عام 2001
5 غيلان نشيد المشاحيف ـ مجموعة قصصية ـ 2009
6- ما لايتبقى للنسيان – مجموعة قصصية -2015
ـ حائز على جائزة الدولة التشجيعية للابداع السنوي عام 1999عن مجموعته القصصية تهجدات الصحارى
وفي العام 2001 عن مجموعته القصصية ليلة العصفور الاخير.
اضافة الى جوائز اخرى .
جزء من مقال كتبه عبد الامير المجر في منتديات العراق
ليلة واحدة في الأهوار.. تكفي! . عبد الامير المجر
الاهوار.. كلمة توقظ في داخلي أطياف الطفولة..
ليلة واحدة في الأهوار.. تكفي! . عبد الامير المجر
الاهوار.. كلمة توقظ في داخلي أطياف الطفولة..
وها أنذا انحدر، مثل غيمة خجولة، انسلت بين أحضان الريح الى الجنوب، لألتحف طين الديار التي كانت وأنام لأحلم، أحلم بألعاب الطفولة والصحاب الذين غابت صورهم خلف عواصف الأعوام!
صغيراًَ، كنت أمسك بأذيال دشداشة أخي الكبير.. أتوسله ان يأخذني معه الى "الهور".. يمانع أبي ويضع في رأسي صوراً مخيفة! ليردعني، وأصر أنا! ويحاول أخي اقناعي بالعدول عن رغبتي، فأرفض وأواصل اصراري على الذهاب لذلك العالم الرابض بعجائبه عند التخوم القريبة من قريتنا الغافية على خدي أحد شطوط المجر الكبير، وتحديداً شط الخر الصغير، -اسم قريتنا- الذي يتلوى مثل أفعى وديعة، تنسل بهدوء بين الزروع وأشجار النخيل والغرب، لترتمي في أحضان الهور.. الهور، اذن، هو وجهة مشحوف أخي وصاحبه، بعد ان اكملا عدة صيد السمك التي ستكون على مدى ليلة كاملة، سأكون خلالها مثل ارنب صغير اعالج دهشة لما تزل ماثلة في الذاكرة، وحاضرة في أحلام يقظتي، ونومي احياناً!
كان ذلك مطلع السبعينيات من القرن الماضي، حيث كنت صغيراً، اصغي لاحاديث الأهل عن عجائب الهور، وعوالمه المكتنزة بالغرائب.. "حفيظ" الكنز الذي تحميه جنود من الجن! والقرى العائمة على "جبايش" في اعماق الهور واسماء عدة لأماكن يصعب حصرها، لكل منها حكاية، استحقت ان يتوقف عندها "ثيسغر" الرحالة الانكليزي وكافن يونغ وغيرهما، ليكتبوا عن ذلك العالم، القابع خلف اسراره منذ آلاف السنين.. كان من بين تلك الاسماء التي اقلقت بواكير وعيي، "أبو صخر" الذي تقول الناس انه كان مدينة، عصت أمر الله، فقلب عاليها سافلها، وطمر أهلها تحت انقاضها الماثلة للعيان، لتكون عبرة للمعتبرين ... !
الاهوار عالم مدهش، بكل ما تعنيه الدهشة، وكان من الممكن استغلاله كأحد أهم المعالم السياحية المثقلة بالغريب والجميل، لكن الرياح جرت بما لاتشتهي السفن، واختفت الاهوار، لتختفي صورها التي ستبقى في ذهن كل من رآها..
الاهوار عالم مدهش، بكل ما تعنيه الدهشة، وكان من الممكن استغلاله كأحد أهم المعالم السياحية المثقلة بالغريب والجميل، لكن الرياح جرت بما لاتشتهي السفن، واختفت الاهوار، لتختفي صورها التي ستبقى في ذهن كل من رآها..
عبد الامير المجر .. يحلق في نشيد المشاحيف / جزء من الحوار
حاوره / سمير الهجول
مسحور بالقرية وعالم الهور الجميل بكل موجوداته وما يحتويه من حكايات وسحر قبل اربعة وثلاثين عاما ترك قريته الجنوبية النائمة على ضفة الهور متوجها الى بغداد لكنه يقول : لم اشعر بالسعادة ابدا ولم اصبح ( بغداديا ) طوال تلك الفترة مثل طائر مهاجر يحلم بالعودة الى موطنه الى قريته الى ملاعب صباه وطفولته التي سرقتها المدينة بقساوتها وجبروتها ذلك هو القاص عبد الامير المجر
- انتماء الانسان للمكان لا تحدد شروط مسبقة ان يكون ابن ريف لكي يكون اكثر حميمية من ابن المدينة او بالعكس لان المكان هو الحضن البيئة التي تعني الاهل والاصدقاء والطفولة والمشاهدات الاولى التي تستقر في اعماق الانسان مهما غير مكان سكناه لاحقا ولعلك حين تقرأ للتكرلي او غالب طعمة فرمان تجد ازقة بغداد شاخصة في اعمالها والحقيقة انها شاخصة في ذاكرتها قبل ان يدوناها على الورق .. نعم انا مسحور بقريتي وعوالمها الجميلة كالهور والمزارع والنخيل ولم اشعر باني اصبحت ( بغداديا ) على الرغم من مجيئي لأنني لم اذق في بغداد السعادة التي كنت اعيشها في طفولتي او في قريتي امام الالتزام فهو موضوع اخر يطول شرحه . هناك من يقول ان قصة (غيلان) كان من الممكن ان تكون مشروع روائي فهي تحمل الكثير من اجواء الرواية خاصة ان عالم الهور لايمكن ان ينحصر في قصة قصيرة فهل استعجلت في نشرها ؟
- *نعم هذا صحيح ومن الممكن ان تكون مسرحية او فلم سينمائي اقصد ان العمل الابداعي يطرح مقولة هي خلاصة مايريده وشكل العمل الفني هو الحامل او الوسيلة التي ينتقل من خلالها المبدع مقولته الى الناس وكلما كان العمل مشوقا ومؤثرا اوصل مقولته بقوة اكبر لهذا اهتم اهل السياسة والتجارة والصناعة بالفن لان عملا سينمائيا او روائيا سيكون اهم من مليون ندوة سياسية وانفع منها بكثير وكذلك في التجارة والصناعة ، فالاعلان الفني الراقي يجذب اكبر عدد من الزبائن واذا ما وصلت قصة (غيلان) مقولتها من خلال كونها قصة فهذا يغني عن جعلها رواية واذا كانت بحاجة الى المزيد او الى ان تكون رواية لكي توصل رسالتها الخلل عندي وليس لانها قصة ولا رواية . في قصة الحمير صانعة الحضارة شخصية (الاب) العارف بالامور لم جعلتها بهذه السلبية حيث اقتصر دورها على النصح تارة والسكوت والتأمل تارة اخرى ؟
- *هذه القصة احتفظ بمفاتيحها النفسي وامنحها للقارئ اللبيب ومن خلال النص نفسه واعتقد ان الذي يتأمل بواقعنا السياسية والاجتماعية منذ بداية القرن العشرين حتى اليوم سيجد ان القصة قالت اشياء مهمة فالاب لم يكن سلبيا وانما كان حاضرا اما الابن كذاكرة وموقف نضالي ينبغي ان يستمر ويحمل رمزية معينة تختزل صورة الناس المسحوقين الباحثين عن الخلاص وكا بمثابة شهقة الم ونكسة وهي قصة تتحدث عن ازمة الانسان التقدمي وتدمير الحلم الاشتراكي ها انا اعطي بعضا من مفاتيح القصة التي احتفظ بها لنفسي يالقرويتي !!! استعملت القطع والانتقال السريع بين المقاطع فهل هذا ما يمتاز به عبد الامير المجر في الكتابة ؟
- *ربما .. لكنني اعتقد ان القصص التي كتبت بهذا الشكل كانت بحاجة اليه لانها ستكون ممله ومضجرة ان كتبت بأنشائية ثقيلة وان كانت لغتها جيدة وهذا حاصل في قصة ( الحمير صانعة الحضارة ) تحديدا لأني وجدت ضرورة ان تكتب بهذا الشكل اما ان يكون هذا الاسلوب جيدا فذا متروك للقارئ.
حاوره / سمير الهجول
مسحور بالقرية وعالم الهور الجميل بكل موجوداته وما يحتويه من حكايات وسحر قبل اربعة وثلاثين عاما ترك قريته الجنوبية النائمة على ضفة الهور متوجها الى بغداد لكنه يقول : لم اشعر بالسعادة ابدا ولم اصبح ( بغداديا ) طوال تلك الفترة مثل طائر مهاجر يحلم بالعودة الى موطنه الى قريته الى ملاعب صباه وطفولته التي سرقتها المدينة بقساوتها وجبروتها ذلك هو القاص عبد الامير المجر
- انتماء الانسان للمكان لا تحدد شروط مسبقة ان يكون ابن ريف لكي يكون اكثر حميمية من ابن المدينة او بالعكس لان المكان هو الحضن البيئة التي تعني الاهل والاصدقاء والطفولة والمشاهدات الاولى التي تستقر في اعماق الانسان مهما غير مكان سكناه لاحقا ولعلك حين تقرأ للتكرلي او غالب طعمة فرمان تجد ازقة بغداد شاخصة في اعمالها والحقيقة انها شاخصة في ذاكرتها قبل ان يدوناها على الورق .. نعم انا مسحور بقريتي وعوالمها الجميلة كالهور والمزارع والنخيل ولم اشعر باني اصبحت ( بغداديا ) على الرغم من مجيئي لأنني لم اذق في بغداد السعادة التي كنت اعيشها في طفولتي او في قريتي امام الالتزام فهو موضوع اخر يطول شرحه . هناك من يقول ان قصة (غيلان) كان من الممكن ان تكون مشروع روائي فهي تحمل الكثير من اجواء الرواية خاصة ان عالم الهور لايمكن ان ينحصر في قصة قصيرة فهل استعجلت في نشرها ؟
- *نعم هذا صحيح ومن الممكن ان تكون مسرحية او فلم سينمائي اقصد ان العمل الابداعي يطرح مقولة هي خلاصة مايريده وشكل العمل الفني هو الحامل او الوسيلة التي ينتقل من خلالها المبدع مقولته الى الناس وكلما كان العمل مشوقا ومؤثرا اوصل مقولته بقوة اكبر لهذا اهتم اهل السياسة والتجارة والصناعة بالفن لان عملا سينمائيا او روائيا سيكون اهم من مليون ندوة سياسية وانفع منها بكثير وكذلك في التجارة والصناعة ، فالاعلان الفني الراقي يجذب اكبر عدد من الزبائن واذا ما وصلت قصة (غيلان) مقولتها من خلال كونها قصة فهذا يغني عن جعلها رواية واذا كانت بحاجة الى المزيد او الى ان تكون رواية لكي توصل رسالتها الخلل عندي وليس لانها قصة ولا رواية . في قصة الحمير صانعة الحضارة شخصية (الاب) العارف بالامور لم جعلتها بهذه السلبية حيث اقتصر دورها على النصح تارة والسكوت والتأمل تارة اخرى ؟
- *هذه القصة احتفظ بمفاتيحها النفسي وامنحها للقارئ اللبيب ومن خلال النص نفسه واعتقد ان الذي يتأمل بواقعنا السياسية والاجتماعية منذ بداية القرن العشرين حتى اليوم سيجد ان القصة قالت اشياء مهمة فالاب لم يكن سلبيا وانما كان حاضرا اما الابن كذاكرة وموقف نضالي ينبغي ان يستمر ويحمل رمزية معينة تختزل صورة الناس المسحوقين الباحثين عن الخلاص وكا بمثابة شهقة الم ونكسة وهي قصة تتحدث عن ازمة الانسان التقدمي وتدمير الحلم الاشتراكي ها انا اعطي بعضا من مفاتيح القصة التي احتفظ بها لنفسي يالقرويتي !!! استعملت القطع والانتقال السريع بين المقاطع فهل هذا ما يمتاز به عبد الامير المجر في الكتابة ؟
- *ربما .. لكنني اعتقد ان القصص التي كتبت بهذا الشكل كانت بحاجة اليه لانها ستكون ممله ومضجرة ان كتبت بأنشائية ثقيلة وان كانت لغتها جيدة وهذا حاصل في قصة ( الحمير صانعة الحضارة ) تحديدا لأني وجدت ضرورة ان تكتب بهذا الشكل اما ان يكون هذا الاسلوب جيدا فذا متروك للقارئ.
*************************
ما لا يتبقى للنسيان» لـلعراقي عبد الأمير المجر… المجموعات المغمورة في مواجهة الذاكرة /صادق الطريحي
مازالت القصة القصيرة تولد من جديد، وتشكل حيزاً موازياً للواقع، وشكلاً سردياً مبدعاً في كل نص قصصي ينتمي إلى كاتبه وتجربته الخاصة، والقاص عبد الأمير المجر في مجموعته الأخيرة «ما لا يتبقى للنسيان» ينتمي إلى القرية العراقية، وبالتحديد إلى قرى الأهوار، حيث ولد هناك في المجر الكبير، ويبدو أن النهر المتفرع من دجلة أثر فيه كثيراً، حتى اتخذه اسماً له، وجعله مسرحاً لبعض قصصه في مجموعته هذه.
ولعل الملاحظة الأولى للمجموعة إنها تهتم بما يسميه الناقد والقاص فرانك أوكونور في كتابه الصوت المنفرد بـ (الجماعات المغمورة) وهم الموظفون العموميون عند غوغول، والخدم عند تورجينيف، والعاهرات عند موباسان، والأطباء والمدرسون عند تشيكوف، والريفيون عند شيروود أندرسون، وهم الريفيون والمهاجرون من الريف إلى المدينة، وسكنة المناطق الشعبية عند عبد الأمير المجر.
في القصة الأولى «أنين الضفدعة» تموت طفلة صغيرة بسبب مرض غامض لأسرة تسكن الهور، ينجح القاص في ربط حياة الأسرة بحياة المسطح المائي، من خلال نقيق الضفادع وصغار السمك في الربيع، ويتزامن بكاء الأم مع أنين ضفدعة في المغيب، فتتوحد الطبيعة لترسم صورة الحزن، ويلاحظ أن البطل الرئيس في القصة هو الأسرة كلها متوحدة مع الأهوار، ينجح القاص في توظيف التراث الشعبي (المبخرة) والطبيعة والربيع وتوقيت الغروب في إنتاج قصة تصور إحدى الجماعات المغمورة في الأهوار العراقية، حيث تختفي أي وظيفة للأب أو الأم، لأننا لا نشاهدهما ولا نسمع صوتهما إلا من خلال الطفل الراوي. ويلحظ أيضاً أن القاص ترك القصة غفلاً من أي زمن تأريخي، وكأن مأساة هذه الجماعة المغمورة مستمرة رغم تغير الأنظمة السياسية!
ولكن عبد الأمير المجر وقع في خطأ لغوي؛ لأن الضفدع يقال للذكر والأنثى؛ فكان عليه أن يقول «أنين الضفدع» لا «أنين ضفدعة» كما توهم.
****************************
مازالت القصة القصيرة تولد من جديد، وتشكل حيزاً موازياً للواقع، وشكلاً سردياً مبدعاً في كل نص قصصي ينتمي إلى كاتبه وتجربته الخاصة، والقاص عبد الأمير المجر في مجموعته الأخيرة «ما لا يتبقى للنسيان» ينتمي إلى القرية العراقية، وبالتحديد إلى قرى الأهوار، حيث ولد هناك في المجر الكبير، ويبدو أن النهر المتفرع من دجلة أثر فيه كثيراً، حتى اتخذه اسماً له، وجعله مسرحاً لبعض قصصه في مجموعته هذه.
ولعل الملاحظة الأولى للمجموعة إنها تهتم بما يسميه الناقد والقاص فرانك أوكونور في كتابه الصوت المنفرد بـ (الجماعات المغمورة) وهم الموظفون العموميون عند غوغول، والخدم عند تورجينيف، والعاهرات عند موباسان، والأطباء والمدرسون عند تشيكوف، والريفيون عند شيروود أندرسون، وهم الريفيون والمهاجرون من الريف إلى المدينة، وسكنة المناطق الشعبية عند عبد الأمير المجر.
في القصة الأولى «أنين الضفدعة» تموت طفلة صغيرة بسبب مرض غامض لأسرة تسكن الهور، ينجح القاص في ربط حياة الأسرة بحياة المسطح المائي، من خلال نقيق الضفادع وصغار السمك في الربيع، ويتزامن بكاء الأم مع أنين ضفدعة في المغيب، فتتوحد الطبيعة لترسم صورة الحزن، ويلاحظ أن البطل الرئيس في القصة هو الأسرة كلها متوحدة مع الأهوار، ينجح القاص في توظيف التراث الشعبي (المبخرة) والطبيعة والربيع وتوقيت الغروب في إنتاج قصة تصور إحدى الجماعات المغمورة في الأهوار العراقية، حيث تختفي أي وظيفة للأب أو الأم، لأننا لا نشاهدهما ولا نسمع صوتهما إلا من خلال الطفل الراوي. ويلحظ أيضاً أن القاص ترك القصة غفلاً من أي زمن تأريخي، وكأن مأساة هذه الجماعة المغمورة مستمرة رغم تغير الأنظمة السياسية!
ولكن عبد الأمير المجر وقع في خطأ لغوي؛ لأن الضفدع يقال للذكر والأنثى؛ فكان عليه أن يقول «أنين الضفدع» لا «أنين ضفدعة» كما توهم.
****************************
لمن يكتب الأديب.... ولماذا؟
استطلاع: قحطان جاسم جواد
الالقاص والروائي عبد الأمير المجر
حين يمتلئ بك حدث ما في البيت أو الدائرة أو في الحي الذي تسكنه فانك تبحث غريزيا عمن يستمع إليك انك في الحقيقة تعاني من اعتمال الحدث في داخلك وتريد أن تقول كلمتك... قد لا تجد من يؤيدك أو يتفق معك فيما تقول لكنك حتى مع هذا المختلف أو الا متفق تكون قد حققت شيئا... جعلك ترتاح بعض الشيء وهكذا هي الحياة فالمصلحون عبر التاريخ والثوار والأدباء أناس امتلأوا بشيء ما بفعل تأملاتهم وتزودهم المستمر بالجديد الذي يغني الحياة ويعبر عنها.
استطلاع: قحطان جاسم جواد
الالقاص والروائي عبد الأمير المجر
حين يمتلئ بك حدث ما في البيت أو الدائرة أو في الحي الذي تسكنه فانك تبحث غريزيا عمن يستمع إليك انك في الحقيقة تعاني من اعتمال الحدث في داخلك وتريد أن تقول كلمتك... قد لا تجد من يؤيدك أو يتفق معك فيما تقول لكنك حتى مع هذا المختلف أو الا متفق تكون قد حققت شيئا... جعلك ترتاح بعض الشيء وهكذا هي الحياة فالمصلحون عبر التاريخ والثوار والأدباء أناس امتلأوا بشيء ما بفعل تأملاتهم وتزودهم المستمر بالجديد الذي يغني الحياة ويعبر عنها.
وعندما تسألني لمن اكتب ولماذا؟ أقول وبصراحة أن حاجتي للراحة النفسية ربما تكون هي الدافع الأساسي والراحة هنا ليس بمفهومها الدارج والاستهلاكي بل بمعناها الشامل العميق أي الشعور في تأدية دوري في مسؤولية الزمني بها وعيي تجاه ما جرى ويجري في محيطي الإنساني الذي انظر إليه من زاويتي الخاصة واقول فيه ما اعتقده صحيحا أو لأعبر عن موقفي والموقف انعكاس
لقناعة خاصة قد لا تتوافق مع قناعات أخرى وهكذا ينشأ الحوار أو الجدل الذي قد لا يكون هدفا بحد ذاته لكنه الوسيلة المثلى للوصول إلى الهدف.
لقناعة خاصة قد لا تتوافق مع قناعات أخرى وهكذا ينشأ الحوار أو الجدل الذي قد لا يكون هدفا بحد ذاته لكنه الوسيلة المثلى للوصول إلى الهدف.
أنا اكتب لأوصل رسالة معينة إلى الناس من دون أن احدد مسبقا مفاهيم لان ذلك يتعارض مع مبدأ الحوار الذي ينبغي أن يتعمق بين الكاتب والقارئ من خلال أشراك القارئ في أمور عامة وهذه أحدى أهم الأسباب نشوء فكرة الكتابة منذ القدم والى يومنا هذا. هل أجبت على السؤال لا ادري!
الكتابه حالة ليست قسرية
***************************
الكهرباء في ميزان جحا / عبدالامير المجر!!
يروى عن جحا، انه كان يعمل بائعا في السوق، واشتهى ذات يوم ان يكون غداؤه من الكباب، فقصد محل القصابة واشترى كيلو من اللحم وامر صانعه ان ياخذه الى بيته ويطلب من زوجته ان تعد له الكباب قبل عودته من عمله، لكن الامور جاءت على غير مايشتهي، اذ حضرت اليهم في ذلك اليوم صديقة زوجته او جارتها، وجلستا تتسامران حتى وصل كيلو اللحم الى البيت بيد الصانع، فآثرت زوجة جحا ان تكون كريمة مع صديقتها، فقامت بشي اللحم واكله معها، قبل ان ياتي جحا، الذي طلب من زوجته، حال عودته، احضار الكباب، ولم يكن امام الزوجة من وسيلة للخروج من المازق الاّ القول بان القط اكل اللحم قبل ان تعده كبابا! لكن جحا الذي عاد ومعه ميزانه، يعرف كيف يكشف كذبة زوجته ويضعها امام الحقيقة، اذ عمد الى فكرة لم تخطر ببالها ابدا، عندما راح يمشي بتمهل الى حيث يستلقي القط في مكان من البيت، وامسك به، ثم وضعه في الميزان، وبعد ان وزنه، قال لزوجته المندهشة من تصرفه هذا؛ وزن القط كما هو ، ولم يزد، اخبريني اين ذهبت بكيلو اللحم ياامراة؟!!
لاادري كيف تخلصت المسكينة من هذا المأزق الذي وضعها فيه جحا، لكننا حين نطالع واقعنا الكهربائي اليوم، ونسمع من المسؤولين انفسهم، ان العراق انفق على الكهرباء مالم تنفقه أية دولة في العالم، ومع هذا، يعد اليوم من اسوأ دول العالم في هذه الخدمة، تحضر امامنا حكاية جحا هذه.. فالكل يتحدث عن الازمة ويتخبط عند الحديث عن خيوطها الظاهرة والخفية، بينما الامور واضحة تماما، وهي ان الوزارة التي تسلمت الاموال من الخزينة وصرفتها، لابد من ان تكون لديها وصولات وعقود وغيرها من الوثائق التي صرفت بموجبها تلك الاموال، وهي بالتاكيد محفوظة مع وثائق الوزارة، فلماذا لايتم تشكيل لجنة عليا تحقق في كيفية انفاق هذه المليارات ومن هي الجهات الداخلية والخارجية المستفيدة، وعلى ماذا انفقت، واين اثرها على الواقع الكهربائي؟ ..
لقد كشف جحا كذبة زوجته بطريقة بسيطة جدا وغير مكلفة، اذ لم يطلب منها القسم او ينتزع منها الاعتراف بالاكراه، والسبب هو انه كان يعرف مسبقا وزن القط، وعندما لم يجد الفارق، تاكد من ان القط بريء من كيلو اللحم الذي استقر في بطني الصديقتين في ساعة سمر!
السؤال الذي يطرحه كل عراقي اليوم، سواء من المتظاهرين او القاعدين، هو كيف تخفى على الدولة باجهزتها الرقابية وصرامتها الادارية التي يفترض ان تكون موجودة، كل تلك الاموال الطائلة، ويستمر الامر لاكثر من عشر سنوات ولم تبتكر وسيلة شبيهة بوسيلة جحا، في الاقل، لنعرف اين ذهبت اموالنا التي لم تعد الينا بكهرباء؟
مشكلتنا الكبيرة هي اننا لانمتلك اليوم جحا جديدا، لكي يعيننا على بلوانا مع الكهرباء وغيرها، والتي طالت اكثر مما يجب !!.
**********************
***************************
الكهرباء في ميزان جحا / عبدالامير المجر!!
يروى عن جحا، انه كان يعمل بائعا في السوق، واشتهى ذات يوم ان يكون غداؤه من الكباب، فقصد محل القصابة واشترى كيلو من اللحم وامر صانعه ان ياخذه الى بيته ويطلب من زوجته ان تعد له الكباب قبل عودته من عمله، لكن الامور جاءت على غير مايشتهي، اذ حضرت اليهم في ذلك اليوم صديقة زوجته او جارتها، وجلستا تتسامران حتى وصل كيلو اللحم الى البيت بيد الصانع، فآثرت زوجة جحا ان تكون كريمة مع صديقتها، فقامت بشي اللحم واكله معها، قبل ان ياتي جحا، الذي طلب من زوجته، حال عودته، احضار الكباب، ولم يكن امام الزوجة من وسيلة للخروج من المازق الاّ القول بان القط اكل اللحم قبل ان تعده كبابا! لكن جحا الذي عاد ومعه ميزانه، يعرف كيف يكشف كذبة زوجته ويضعها امام الحقيقة، اذ عمد الى فكرة لم تخطر ببالها ابدا، عندما راح يمشي بتمهل الى حيث يستلقي القط في مكان من البيت، وامسك به، ثم وضعه في الميزان، وبعد ان وزنه، قال لزوجته المندهشة من تصرفه هذا؛ وزن القط كما هو ، ولم يزد، اخبريني اين ذهبت بكيلو اللحم ياامراة؟!!
لاادري كيف تخلصت المسكينة من هذا المأزق الذي وضعها فيه جحا، لكننا حين نطالع واقعنا الكهربائي اليوم، ونسمع من المسؤولين انفسهم، ان العراق انفق على الكهرباء مالم تنفقه أية دولة في العالم، ومع هذا، يعد اليوم من اسوأ دول العالم في هذه الخدمة، تحضر امامنا حكاية جحا هذه.. فالكل يتحدث عن الازمة ويتخبط عند الحديث عن خيوطها الظاهرة والخفية، بينما الامور واضحة تماما، وهي ان الوزارة التي تسلمت الاموال من الخزينة وصرفتها، لابد من ان تكون لديها وصولات وعقود وغيرها من الوثائق التي صرفت بموجبها تلك الاموال، وهي بالتاكيد محفوظة مع وثائق الوزارة، فلماذا لايتم تشكيل لجنة عليا تحقق في كيفية انفاق هذه المليارات ومن هي الجهات الداخلية والخارجية المستفيدة، وعلى ماذا انفقت، واين اثرها على الواقع الكهربائي؟ ..
لقد كشف جحا كذبة زوجته بطريقة بسيطة جدا وغير مكلفة، اذ لم يطلب منها القسم او ينتزع منها الاعتراف بالاكراه، والسبب هو انه كان يعرف مسبقا وزن القط، وعندما لم يجد الفارق، تاكد من ان القط بريء من كيلو اللحم الذي استقر في بطني الصديقتين في ساعة سمر!
السؤال الذي يطرحه كل عراقي اليوم، سواء من المتظاهرين او القاعدين، هو كيف تخفى على الدولة باجهزتها الرقابية وصرامتها الادارية التي يفترض ان تكون موجودة، كل تلك الاموال الطائلة، ويستمر الامر لاكثر من عشر سنوات ولم تبتكر وسيلة شبيهة بوسيلة جحا، في الاقل، لنعرف اين ذهبت اموالنا التي لم تعد الينا بكهرباء؟
مشكلتنا الكبيرة هي اننا لانمتلك اليوم جحا جديدا، لكي يعيننا على بلوانا مع الكهرباء وغيرها، والتي طالت اكثر مما يجب !!.
**********************
بيت المدى يحتفي بنوروز باستذكار رائد الغناء العراقي محمد القبانجي
وصفه القاص عبد الأمير المجر قائلاً: محمد القبانجي علامة بارزة في تاريخ المقام العراقي. موضحاً: ويعتبر من رموز الثقافة لارتباطه بالمزاجية الشعبية العراقية لذلك فهو مؤثر عراقياً كما انه يعد من المجددين على مستوى المقام .
****************************
نصيحة هتلر التي يحفظها أهلنا!!
عبد الامير المجر
مِن بين الاقوال المنسوبة للزعيم الالماني النازي ادولف هتلر، عبارة استوقفتني كثيرا، ليس لانها بليغة فقط، بل لاني كنت اسمعها من اهلي في قريتي في المجر الكبير، ولو بلغة مختلفة طبعا، من دون ان اجزم بوجود علاقة او قرابة بين اهلنا وهتلر، لانهم لم يحدثوني عن ذلك!
اذ كثيرا ما كنت اسمع امي تقول، ((ربي كفينا شر الهافي والمتعافي))!! والهافي، بلغة اهلنا، هو الشخص المعدم او الذي لايملك ما يخسره، لانه يغدو خطيرا، ويمكن ان يقدم على فعل اي شيء او يرتكب جريمة، كونه مستعدا، نفسيا، لذلك والناس تعرف هذه الحقيقة بالفطرة، اما المتعافي فهو الشخص الذي يتمتع بصحة جيدة، ولهذه استحقاقاتها على البعض، ممن تغريهم عضلاتهم بالاقدام على الصدام مع الآخرين، لأتفه الاسباب، بغرض استعراض قوتهم الجسدية، وهم معروفون، لا سيما في الاوساط الشعبية، التي تفرز من يسمون بالشقاوات، او البلطجية والفتوات، بلغة اخواننا المصريين…
لم انس هتلر ومقولته التي وجدتها، كما ذكرت تتطابق تماما مع ما كان يقوله اهلنا، اذ يقول الرجل الذي اربك العالم في اربعينيات القرن الماضي وتسبب بخراب اوربا، ((لا تتحدى انسانا ليس لديه ما يخسره))!! ولكم ان تقارنوا بين المقولتين، اقصد مقولة اهلنا في الجنوب، او امهاتنا تحديدا، لان هذه العبارة لاتليق بالرجال الذين يأنفون من قولها، على الرغم من ان رجلا عنيفا مثل هتلر قالها من دون تردد، او هذا ما ينسب اليه، والله اعلم!
لا اخفي خوفي على مستقبل البلاد، خلال هذه المرحلة التي تسبق الانتخابات، وبعدها ايضا، ليس فقط لان مثل هذه المراحل، عادة ما تكون حساسة بسبب التنافس على الفوز، وهو امر شائع في معظم دول العالم، لا سيما الدول الجديدة على مثل هذه الممارسة، التي ترافقها اعمال عنف بالنيابة، يقوم بها مستأجرون لقطع الطريق على المنافسين، او ترهيبهم في الاقل، وانما لان الساحة السياسية في عراق ما بعد الاحتلال، ضجت بمن هم، (هافين ومتعافين) في الوقت نفسه، وان ليس الكل بالتأكيد.
أي ان هناك من كانوا معدمين ووجدوا انفسهم في نعمة، لم يحلموا بها من قبل، فاصبحوا متعافين من بعد ذلك، وهم بوصفهم هذا لايمكنهم ان يتخلوا عن هذه النعمة، حتى لو اقتضى الامر تقسيم البلاد، للفوز بإمارة صغيرة تحفظ لهم استمرار سلطانهم ونعمتهم، وهو ما يحاول البعض الان ان يطرحه بشكل غير مباشر، اذ لايمكن لهؤلاء ان يعيشوا خارج المناخ الذي اعتادوا عليه طيلة السنين الماضية، ولذلك فان مشاعر القلق لدى الكثيرين من العراقيين مبررة ومعقولة، وهم يلاحظون تصاعد اعمال العنف التي يرونها اشبه ما تكون بمقدمات لخلط الاوراق، وتصعيد الموقف، لتبرير حمل السلاح مستقبلا، اذا ما وجدت هذه الجهة او تلك نفسها خارج السلطة، التي فشلت في تحمل مسؤوليتها، وحان وقت الحساب انتخابيا، وبعد ان وجدت الناس ضرورة في تغيير الكثير من الوجوه السياسية التي لاتستحق البقاء في مناصبها.
لا استبعد ان يدعي بعض الفاشلين بعد الانتخابات، انها كانت مزورة، وان خسارتهم غير مستحقة، او انهم استبعدوا بمؤامرة، وان جماهيرهم ستطالبهم باستعادة (اصواتهم المسروقة)، من اجل ان يبرروا حمل السلاح، لانهم ببساطة، (هافين ومتعافين)، كما يقول عنهم اهلنا، او انهم واجهوا تحديا، وسيقومون بكل شيء، ولانهم طبعا، ليس لديهم ما يخسرونه، كما يقول هتلر، والله وحده الساتر من قادم
الايام !!
اعداد - اياد خضير الشمري
ليست هناك تعليقات :