رابط صفحتنا الرسيمية

» » قصة قصيرة ( اللقاء الاخير ) \ اياد خضير


اياد خضير\ العراق

قصة قصيرة

 ( اللقاء الاخير ) 

جلست في أحدى زوايا غرفتها تتأمل صورة كانت قد أخفتها في أحدى مخابئها خوفاً من أن يراها أحد أفراد أسرتها ، ابتسمت وضعت رأسها مائلاً قليلاً على الوسادة وراحت تمرغ رأسها في ذكريات ماضٍ متصحر ، ضجر ، تناولت أخر رسالة كانت تؤرقها كلما قرأتها .. كلماتها التي كانت تندس في جراح الألم والتي تزرع الأسى والحزن في القلب، بدأت تقرأها بدقة ..
( حبيبتي الغالية )
لم أفكر الآن في الدور الذي يلعبه الحظ في حياة الإنسان ولكني أفهم أن السجين ينظر إلى العالم من نافذة سجنه هكذا أعيش في بغداد، أجامل وأنطلق وأساير ثم تمضي بقية الحياة موتاً صامتاً لو كنت قطعة من النعيم لما أرقني تناثرها في مهاوي الجحيم ولكن هذه الحياة الراكدة جعلت مني قطعة بالية من أثاث عتيق لو كان على شيء من الاتقان لما أهملته المتاحف أما رقصة الشيطان أمام معبوده الجاثم في اللهب فخداع شرير تزدحم فيه زوبعة كثيفة من دخان مسموم ، ثقي أني أنما أرتاح إلى صوت الرعد طمعاً بصواعق العاصفة ثم أني أهوى العذاب حتى لو كان بين الأمواج الصاخبة أو على السحاب الجاثم ، ولكن متى أنطفأ مصباح الخير من الذين أطمئن اليهم تجهمت الحياة وأصبحت شريراً ، هي نفسي ولست أملك ألا نفسي وإذا شكوتُ فأني أشكو موضع الإحساس من هذه النفس المهتاجة وسلام على أخاء يتأثر بالأشباح وما يؤثر في الواقع ، أن الأوتار لم تنقطع ولكن القيثارة أنما تهمس بالنغم الخافت لما تراكم عليها من تراب الإهمال ، والأنشودة الرائعة يمتزج فيها المبهم بالواضح وقد يحلم الإنسان بالحياة وقد يفكر بالموت وقد يحاول المستحيل ولكن الأحاديث البارعة لا تستطيع الإشراق في جو منعم بالعقاب والتلويم لولا أن الإحساس النبيل يجتاز الظنون الغامضة ويتطامن إلى الولاء الصامت ، وقد تكوني ذاك أو بعض ذاك أوكل ذاك ولكن الطائر الجميل لا يبني عشه في توابيت الموتى ولا تنبت الأزاهير في قحوف جماجم الشياطين..
حبيبك
طوت الرسالة جانباً وأخذت تمسح الدموع من عينيها المحمرة .
قالت بحسرة خانقة : أليس ذكرى الأمس توقظ الإسرار المدفونة في الصدور؟!
كانت تحس أن كلامه وصوته ملموسان .
ذات يوم سألها هل تحبينني كما أحبك ؟!
أحست كأن نسمه باردة دخلت الى صدرها وأنها ترتفع في سماء زرقاء تحملها أجنحة القطا نحو الراحة وألأمان.. نحو الحب .. أخذت تضغط بأصابعها على ذراعه.
قائلةً : لا أستطيع أن أنساك ، أن أنسى ابتسامتك ، رسائلك ، كلماتك التي تبعث الأمل والسرور ، أحببت فيك كل شيء وأحببتُ من أجلك كل شيء ، أحببتُ فيك حتى كبريائك ، أحس بأن رسالتك الأخيرة مكتوبة فيها دفء ، فيها ألم ، فيها حرارة تشير الى وضعك النفسي المرتبك وحالتك النفسية المدماة من القلق والحزن والكآبة .
كعادته عندما يرجع الى بغداد يلتقيان معاً في محطة القطار ، يضمها الى صدره المثقل بهم السنين لا أعرف متى ينتهي رحيلك وتستقر؟! قالتها بحرقة وعيون مدمعة .
كغير عادته نظر إليها بإمعان أبتسم لكن ابتسامته سرعان ما يتلبسها الألم ونظرات الحزن مرسومة في عينيه ، سارا معاً جنباً الى جنب على رصيف المحطة ، لم يستغرق ذلك سوى دقائق ، حائراً ، متردداً ، قلقاً ، دس في يدها رسالة وأمرها أن لا تفتحها ألا بعد أن يتحرك القطار ، تهيأ المسافرون الى الصعود وأخذ ينظر إليها من خلال النافذة، أحست هذه المرة أن صوت القطار أشبه بالأنين ،بالصراخ الحزين ، بدأ القطار يتحرك ببطء ، شيء في داخلها يعصر قلبها ألماً ..
أحساس غريب يوحي بعدمً العودة أليها.
أدركت الرسالة ، فتحتها وقرأت ،عبارة ( بحق حبنا أن تنسي.. وداعاً ) كما لو أنها تشرع بالبكاء ، يمزقها الألم فتشعر باليأس ، أخذت تعدو وراء القطار تركض ، رمت عباءتها ، تطاير شعرها ، تريد الإمساك بالقطار ، أصابها الغثيان ، التوت أقدامها ، سقطت على الأرض.. فزت مذعورة من نومها
قـــــالت : ليتك حلمي كل ليلة !! .

عن المدون International Literary Union Magazin مجلة إتحاد الأدباء الدولي

مدون عربي اهتم بكل ماهوة جديد في عالم التصميم وخاصة منصة بلوجر
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
رسالة أحدث

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد