غزوان بزي\سوريا
البحر
الأمواجُ وصلتْ إلى قدميها.. فأرسلتْ في جسدها برودةً ورعشة، لكنها- رغم ذلك- لم تفتح عينيها لمراقبة مشهد البحر والأمواج.
كانت في عالم آخر منعزلةً تماماً عن هذا العالم.. يرتجف جسدها مرة، ويسكن مرة.. تمدُّ ذراعيها إلى الأمام، ثم تلفُّ جسدَها بيديها وتعتصره بقوة، فتُؤلم قلبَها وتُكسِّره.. كان بجوارها طاقةُ ورد ملونة.. شعرها يتطاير بجنون معاركاً الريح.. ليبرز وجهاً حزيناً خائفاً.. ثم ينام على كتفيها برحيل هبةِ الريح الجامحة.
طيور النورس تروح ذهاباً وإياباً بدون كلل أو ملل، أصواتها الحزينة ترسل في نفسك هدوءاً وتأمّلاً.. وشروداً مع صوت الموج.. الذي يرسل في داخلك حزناً على ذلك البحر الذي ضم في داخله قصصاً وأوجاعاً، أنصتَ لكل عاشق، وشاركَ المهمومَ همَّه.. عانقَ الحزينَ البائس.. وأرسلَ في داخلهم جميعاً أجملَ التعازي وأحرها.. قدَّرهم.. سمعهم.. خبَّأ أسرارهم.. ولم يبح بها لأحد.
وها هو البحر كعادته يراقب شاطئه، ويتفرس بعينيه في الأفق، فيرى مشهدَ الفتاة الجالسة على الكرسي الخشبي، وكيف كانت ترتجف.
ناداها.. لم تسمعه! حتى إنها لم تكن تراه! عيناها كانتا مغمضتين.. أراد أن يسألها، ويعرف قصتَها، أن يدخل إلى أعماقها، لعله يستطيع التخفيفَ عنها ويساعدها، لكنه كان عاجزاً بلا أرجل.
غضبَ.. ثارَ.. ضربَ الصخر بيديه.. استمطرَ الغيومَ بعينيه.. فاض وفاض، شربَ الرمل.. أراد أن يفعل شيئاً، فلم يستطع.. بكى وصرخَ.. تعبَ.. استلقى واستكان.. ضربتْهُ أشعةُ الشمس، فالتمع جبينه.. كاللآلئ، وفاض قلبه بالزرقة والحب لها.
عندها فتحت الفتاة عينيها.. وأطلقتْهما باتجاه صفحة البحر وما هي إلا ثوانٍ حتى أجهشتْ بالبكاء.. وصرختْ صرخةً مزقتْ قلبه وكسرتْ وحدته.
عاد يموج.. يعلو ويهبط.. يضرب وجهه بيديه وتضربه هي بصراخها.. تألم لأجلها.. أراد أن يفعل شيئاً.. فكَّر بأن يُغرق الأرض من أجلها.. وأن يحملها على يديه إلى جزيرة الصفاء والحب.. علَّها تشعر بالأنس والحنان، فلا تبكي ولا تحزن أبداً.
هدأتِ الفتاةُ وتوقفتْ عن البكاء ، وكأنَّ دموعها قد نفدتْ.. أدارتْ ظهرَها للبحر وغادرته.
رمقَها بعينيه.. ناداها بأمواجه.. أرسلَ وراءها طيورَ النورس.. حلقتْ فوق رأسها.. طلبتْ منها البوحَ بألمها وعذابها، ولكنها لم تأبه بتلك الطيور, فرجعت النوارس إلى بحرها, ورجعَ هو بالخيبة والانحسار..
فجأة توقفت الفتاة، واستدارتْ باتجاه البحر عائدةً إليه .. حملتْ طاقةَ الورد الملونة التي تركتْها قابعةً على الكرسي الخشبي، واقتربتْ من البحر، ودخلت الماء حتى وصل إلى ركبتيها، كأنها تريد معانقتَه والاقترابَ أكثر وأكثر.. أرادتِ الاعتذارَ له عن تجاهلها لمشاعره.. ثم ألقت الورود إليه.. فقفز في الهواء وتلقاها بكل حب وودّ.. ابتسمتْ له ولوحتْ بيدها لوداعه.. أراد أن يعانقها ويشكرها، فانشرح صدره عندما رآها تبتسم.
خرجتْ من الماء وغادرَتْهُ.. كانت تتلفتُ إلى الوراء وتلوح له، فيتبعها بأمواجه، ويرمقها بعينيه، غابتْ بعيداً ولم يعد يراها.
انحسر عائداً يلملم ورودَها، ويشتمُّ رائحتَها علَّه يشعر بشيء من الدفء والحب.
كانت في عالم آخر منعزلةً تماماً عن هذا العالم.. يرتجف جسدها مرة، ويسكن مرة.. تمدُّ ذراعيها إلى الأمام، ثم تلفُّ جسدَها بيديها وتعتصره بقوة، فتُؤلم قلبَها وتُكسِّره.. كان بجوارها طاقةُ ورد ملونة.. شعرها يتطاير بجنون معاركاً الريح.. ليبرز وجهاً حزيناً خائفاً.. ثم ينام على كتفيها برحيل هبةِ الريح الجامحة.
طيور النورس تروح ذهاباً وإياباً بدون كلل أو ملل، أصواتها الحزينة ترسل في نفسك هدوءاً وتأمّلاً.. وشروداً مع صوت الموج.. الذي يرسل في داخلك حزناً على ذلك البحر الذي ضم في داخله قصصاً وأوجاعاً، أنصتَ لكل عاشق، وشاركَ المهمومَ همَّه.. عانقَ الحزينَ البائس.. وأرسلَ في داخلهم جميعاً أجملَ التعازي وأحرها.. قدَّرهم.. سمعهم.. خبَّأ أسرارهم.. ولم يبح بها لأحد.
وها هو البحر كعادته يراقب شاطئه، ويتفرس بعينيه في الأفق، فيرى مشهدَ الفتاة الجالسة على الكرسي الخشبي، وكيف كانت ترتجف.
ناداها.. لم تسمعه! حتى إنها لم تكن تراه! عيناها كانتا مغمضتين.. أراد أن يسألها، ويعرف قصتَها، أن يدخل إلى أعماقها، لعله يستطيع التخفيفَ عنها ويساعدها، لكنه كان عاجزاً بلا أرجل.
غضبَ.. ثارَ.. ضربَ الصخر بيديه.. استمطرَ الغيومَ بعينيه.. فاض وفاض، شربَ الرمل.. أراد أن يفعل شيئاً، فلم يستطع.. بكى وصرخَ.. تعبَ.. استلقى واستكان.. ضربتْهُ أشعةُ الشمس، فالتمع جبينه.. كاللآلئ، وفاض قلبه بالزرقة والحب لها.
عندها فتحت الفتاة عينيها.. وأطلقتْهما باتجاه صفحة البحر وما هي إلا ثوانٍ حتى أجهشتْ بالبكاء.. وصرختْ صرخةً مزقتْ قلبه وكسرتْ وحدته.
عاد يموج.. يعلو ويهبط.. يضرب وجهه بيديه وتضربه هي بصراخها.. تألم لأجلها.. أراد أن يفعل شيئاً.. فكَّر بأن يُغرق الأرض من أجلها.. وأن يحملها على يديه إلى جزيرة الصفاء والحب.. علَّها تشعر بالأنس والحنان، فلا تبكي ولا تحزن أبداً.
هدأتِ الفتاةُ وتوقفتْ عن البكاء ، وكأنَّ دموعها قد نفدتْ.. أدارتْ ظهرَها للبحر وغادرته.
رمقَها بعينيه.. ناداها بأمواجه.. أرسلَ وراءها طيورَ النورس.. حلقتْ فوق رأسها.. طلبتْ منها البوحَ بألمها وعذابها، ولكنها لم تأبه بتلك الطيور, فرجعت النوارس إلى بحرها, ورجعَ هو بالخيبة والانحسار..
فجأة توقفت الفتاة، واستدارتْ باتجاه البحر عائدةً إليه .. حملتْ طاقةَ الورد الملونة التي تركتْها قابعةً على الكرسي الخشبي، واقتربتْ من البحر، ودخلت الماء حتى وصل إلى ركبتيها، كأنها تريد معانقتَه والاقترابَ أكثر وأكثر.. أرادتِ الاعتذارَ له عن تجاهلها لمشاعره.. ثم ألقت الورود إليه.. فقفز في الهواء وتلقاها بكل حب وودّ.. ابتسمتْ له ولوحتْ بيدها لوداعه.. أراد أن يعانقها ويشكرها، فانشرح صدره عندما رآها تبتسم.
خرجتْ من الماء وغادرَتْهُ.. كانت تتلفتُ إلى الوراء وتلوح له، فيتبعها بأمواجه، ويرمقها بعينيه، غابتْ بعيداً ولم يعد يراها.
انحسر عائداً يلملم ورودَها، ويشتمُّ رائحتَها علَّه يشعر بشيء من الدفء والحب.
الأخ الكريم - غزوان - هنا أنت وضعتنا بمواجهة البحر ( بطل القصة ) حيث أسبغت عليه صفة إنسانية حيث شارك الفتاة الحزينة مشكلتها التي لم نعرف سببها ، برغم ذلك عندك نفس سردي جميل جعلني أستمتع بقراءة نتاجك ، تهاني لك مع أطيب تمنياتي بالتوفيق و النجاح لحرفك . أحمد المؤذن / البحرين
ردحذف