International Literary Union Magazin مجلة إتحاد الأدباء الدولي
الأربعاء، 29 مارس 2017
حسن بنعبد الله \ تونس
أقول بالبيان .. عن ” أبي وجدان ”
هو من يرسم الهمزة على الألف في بداية السطر، وهو من يمدّ الألف مدّا ــ قوله وكتابته ـ تحوّل أشعبي إذن من رخااااام يحبّ الصداما وشعبي أحبّه مستيقظا .. موقظا... رافضا أن ينااااااما ـ ويعطي للواو مساحة الوصل والمدّ مثل قوله = أهو انحطاط للقضاء أم ارتفاعو ــ قبل الإطاحة ،للتدخّل فيه باعو ـــ صار التدخل في القضاء له ذراعو ــ قد كان يشرى اليوم أصبح يشترى ويباعو ــ وغيرها من القصائد التي تحمل نفس الرسومات التي تراعي القافية والوزن ــ بتصرّف علمي ودراية فائقة بعالم الشعر والعروض ـــ وهو الوزّان أصلا ـ لا يقبل دخيلا عن الشعر ــ ولا بديلا عنه وهو الذي يميّزبين الشعر والنثر ولا يقبل التجاوز لحقيقة ـ صفة الشعر التي أكّدها ربّ العزّة في قوله = وما علّمناه الشّعر، وما ينبغي له ـــ وتفسيري الشخصي لهذه الآية أنّ الله أقرّ للعالمين أنّ الشعرعلم قائم بذاته ـ لايأتيه الباطل ولنّ يبدّل تبديلا ــ وأقرّ أيضا ـ أنّه هو الذي يؤتي الشعر لمن يشاء ويمنعه عمّن يشاء ــ ولايجوز للناثر أن يتجاوز هذا الأمرليخترق الحكم ـ ويدّعي الشعروهو ناثر ـــ وللنثر في الكتابة قداسته أيضـــا عبر الأنماط المتاحة ـ كالمقال والخاطرة والقصّة والرواية ـ وهو الذي ” ّأسّس المهرجان الوطني للشعر العربي بالجريد سنة 1980 ـ وهو أمين تحريرمجلة الفكر من سنة 1978 إلى 1986 ــ وهو الذي شارك في مهرجانات شعرية عالمية ـ بيوغسلافيا سنة 1980 والقاهرة سنة 1983 ـ والعراق سنة 1984 وهو الذي أصدر= شواطئ العطش الحبّ مع تأجيل التنفيذ ـ هل أنت من عشّاق إسرائيلا ـ أقسمت أن ينتصر الصندوق ونعم أنا معارض أعارض الدكتاتورية ، والدولة الدينية ـ سنة 2008 ــ أي عندما كان الكلام عسيرا ــ أبووجدان قبل سقوط الطاغية ـ تحيا ثورة تونس ـ فما عاد بالموت يحيا الوطن ابتدأ الارهاب في كلّية الآداب ـ وأخيرا كتبه التي تلقيتها منه هدية يوم 24 مارس 2017 بمناسبة أمسيتنا الشعرية ـ شعراء من صفاقس ـ في فضاء البيت العربي بمقر الجامعة العربية بضفاف البحيرة تونس ـ وهي وطن قبلته الشعرـ فما عاد بالموت يحيا الوطن قال أبووجدان ـ فلندخل أفواجا في دين الحبّ ــ إنّه الشاعروالناشروالناقد الصادق شرف أبووجدان ـ هذا القاموس اللغوي والمصحّح البارع ـ لايسكت على ما يجده مبثوثا في أغلب الكتابات التي يجدها أمامه فيتمّم رسالته وغيرته على اللغة فينبّه ولايخاف لومة لائم ولا تعنيه ردود الأفعال الغاضبة ـ ويتوخّى أيضا أسلوب المحبّة مع أصدقائه الأوفياء له جدا ـ ومن بينهم أنا ـ ولا أجد حرجا لأنه في ذاكرتي ويقيني الأستاذ الجامع وهو الذي يلهمني ويعزّز تكويني ومسيرتي وهو الذي أخذ بيدي في بداية مشواري مع الشعر فكان ـ يستدعيني مع الكبار في“ قافلة الشعر العربي الحديث بالجريد ” ويصرّ على حضوري مع الطاهر الهمامي والميداني بن صالح وسوف عبيد ونو ر الدين صمود والشاذلي الساكر وعبدالله مالك القاسمي والحبيب بن فضيلة ويوسف رزوقة وحميدة الصولي ومحمد علي الهاني وغيرهم ــ وكان ينشر لي بعض القصائد في مجلة الفكر لتشجيعي ليتمّ اقتناعه بي بنشرمجموعاتي الشعرية الأولى ـ العزف على ضفاف الجرح سنة 1989 ـ وتسابيح سنة 1990 ـ ولاوقت لي سنة 1993 ـ وله كلّ الفضل عليّ اليوم ـــ هذا الأديب التونسيّ الذي يحمل أعباء الماضي ويصارع من أجل تأكيد الشعروتأصيله في كلّ مراحل الانتماء للوطن ـ تونس التي أحبّها ويحبّها قولا وفعلا ألا وهو مؤسّس مشروع ـ مدوّنة ” تونس الحبّ .. تونس الياسمين ــ التي انظمّ إليه وإليها الكثيرون يقول = أحبّك تونس جيلا فجيلا ــ يحقّق ما قد بدى مستحيـــلا ــــ أحبّك خضراء مرجا من الياسمين عشقته ميلا فميلا ــ أحبّك والليل داج سماء تراءت بأنجمها أرخبيلا ــ أي انّه يوزّع هذا الحبّ ـ على الزمن الذي يحيا ــ فيكون الحبّ شاملا ومتّصلا بالحياة ـ بلا انقطاع ـ بالفعل .. وبدون نفاق أو انتهازية مثلما كانوا يفعلون ـــ وقد ذكرت عناويا لها دلالاتها في المدوّنة الشعرية لأبي وجدان ـ لأنّه أصدرالكثيرمن الكتب باعتباره صاحب دار النشر ـ الأخلاّء ـ مجلّة المجتمع المدني ـ كما يحلو له تسميتها والتي أسّسها سنة 1978 وهي التي عرّفت في زمنها بشعراء اليوم والقائمة طويلة جدّا ـ وهي التي تبنّت ـ باكورات الشباب ـ وحملتهم بكتبهم إلى الضفّة الأخرى فمنهم من أخلص ومنهم من سقط بالغرور والغدر إلى حضيض الخساسة والنسيان ــ ولكن ّ الصادق شرف ظلّ كما عرفته من ثلاثين سنة ــ ألتقيه فيبهرني بخصاله وبروعة تكوينه الاجتماعي والسياسي والديني أيضــــا ويشملني بموسوعته المعرفية الشاملة ويحدّثني فيتذكّر كثيرا من المرارات ومن التواريخ الحارقة في مسيرته ـ من ذلك مضايقاته الكثيرة عندما أصدر نصّه المثير ـ نتحدّى الكراسي ـ فيقول = نتحدّى كلّ عشّاق الكراسي ــ أيهم كرسيّه لم يرتكب بعض المآسي ــ وكانت الشقوق تسرّب ثعابينها السرّية إلى القصر الرئاسي ـ مع التأويل إلى سيادته على أساس أنّ الصادق شرف يعنيه رأسا وكرسيا ـــ فاتجهت له الدعوة إلى مقرّ أمني وكنت مرافقا له وقتها في منزل تميم ـ وفي جلسة مع رئيس الوحدة الأمنية ـ دافع أبووجدان عن نصّه وردّد الشعر وأهدى كتبا وخرج منتصرا لوجوده شاعرا أبيا في بلدته ـ منزلتميم ـ كما يرى هو كتابتها ـ وكتابة ـ سيدبوسعيد ـ وسيدبوزيد ـــ كما تنطق أصلا وهو الضليع في حكم اللغة ــ تشرح عناوين الكتب التي ذكرتها مدى تاكيد الكاتب على خراب السياسة ـ عندما تصبح هي كلّ شيء ــ وهي المهيمنة على الحياة العامة ويصبح الشعر والثقافة هامشا لاقيمة له ويصبح الشاعر والمثقّف عموما ـ رقما حقيرا في مجتمع جاهل ـ لا يقرأ ولا يعير الكتاب الأهمية التي ينبغي له أن يعتمدها وهو بالأساس الحاجة المطلقة للرقي لدى الشعوب المتحضّرة ــ هذا الاتجاه الذي يتوخاه الصادق شرف بالعنف الذي يستحقّه فنجده غاضبا ومتمسكا بمواقفه المعلنة والصارمة التي يجابه بها التهميش والاقصاء والنذالة أحيانا ــ خصوصا عندما تتحالف السياسة مع الانتهازيين ممن توكل إليهم مهام إداة دور الثقافة والمهرجانات الأدبية في العاصمة والجهات ـ وتوجيههم للدعوات ـ على أساس الولاءات وتبادل المنافع المادية ـ كاشي / كاشي ــ وغيرها من الممارسات التي ظلّت على حالها ـ ليقوم هو وبمبادرة منه ببعث مشروع جديد مع الجامعة العربية ” أمانة الأماسي الشعرية ” ليفتح من خلالها مجددا المجال لكلّ الشعراء وبدون استثناء وتخصّص أمسيات لكل ولايات الجمهورية ـ وعندما تسأله يجيبك ” إنّه الإصراروالمثابرة وهو صاحب مقولة ” ليس من الصعب أن نبدأ ولكن الصعب أن نواصل ما بدأنا ” ـــ ولكي لا يناقض نفسه نجده منسجما مع قناعاته القديمة ـ فيسحب من جيبه لينفق على الشعر والشعراء وبسخاء كما نجده يجرؤ وباقتدار على معارضة أكثرالأسماء حضورا في الساحة الأدبية العربية ـ من ذلك معاركه الأدبية المفتوحة باستمرار عندما يتعلّق الأمربمحاولة ـ التغرير ـ بالأجيال وادخال الشعر في محاولات المسخ أوانتهاج الأساليب التي تروم ضرب مقوّمات البناء الشعري عموما واحتقار اللغــــة العربية ـــ فنجده يطلق العنان لصراخه وكتاباته ذات المعاني الرافضة لكل أشكال الاستبداد والغلوّ وبالخصوص ـ عدم الفهم ـ من ذلك معارضته الجريئة ـ للنّشيد = نموت نموت ويحيا الوطن ــ فيصدر ديوانا يحمل عنوانا صادما ـ فما عاد بالموت يحيا الوطن ـــ فيسأل =ولكن لماذا نموت ؟ وقد زال عهد به نسج العنكبوت ـــ على شفتيّ خيوطا وبعض الخيوط ـــ فتونس من حقّها أن نموت لتحيا ــ ومن حقّنا أن نعيش لكي لا تموت ــــ فما عاد بالموت يحيا الوطن ـ وليس بكثرتنا نحن نحمي الوطن ــ ولكن بزرّ صغيرتحكّم فينا عدوّ الوطن ـــ لماذا إذن ـ نموت .. نموت ويحيا الوطن ـــ ألا بل نعيش ونحيا ليحيا الوطن ــــــ في دلالة واضحة ودراية لا لبس بالمعاني فالمعارضة لقول الشابي ـ واضحة ـ وشجاعة ومثيرة للجدل ــ ولكن تظلّ الحقيقة مع الشاعر الصادق شرف كالشمس في مقارعة العتمة وهو الذي ينيرمن خلال قصائده كلّ شعاب الحياة فنجده يصدح لها ويتغنّى بالحبّ وله في مجال القول عن الحبّ والحبيبة دواوين وداووين ــ يصعب حصرها ـ وتقتضي من النقّاد ومن الجامعات والكليات الأدبية أن تمنح هذه التجربة الواعية كلّ الاهتمام وأن ننتبه جميعا وبالخصوص المنابر الاعلامية والثقافية إلى هذا الرجل الذي يشقّ الحياة طولا وعرضا وله في كلّ ساحة غبارمن ذلك غبار معاركه الشرسة مع الارهاب وأهله وهو الذي ـ رفع في وجهه شعارDEGAGE ـــ في مؤتمربعث لجنة حماية الثورة في منزلتميم سنة 2011 ـــ وهو المهدّد باستمرار في حياته ــ نجده مؤمنا بقدره ” على عكس الكثيرين ” من الذين يعتمدون الحراسة الأمنية ــ وهو الذي سلّم أمره ومصيره إلى ثقة ربّه الذ ي خلقه وكتب له رزقه وأجله ــ أجده شخصيا عارفا وعالما بكلّ هذا ومطمئنـــا يمارس نشاطه وحياته كما يشاء هو ومشيئته من مشيئة الله ـ وأختم قولي ـ ماذا يمكن لي كشاعرـ أن أقول عن ابي وجدان ؟؟؟ وأنا لست مؤهلا لنقد دواوينه وكتاباته الغزيرة ـ ذات الأبعاد كلّها وذات الشمول والشمائل ـ وما أنا إلاّ ـ قائلا ـ بما مكنتني منه علاقتي بأخي وصديقي وأستاذي ـ الشاعر التّونسيّ الكبير الصادق شرف ـ أبو وجدان ......
ليست هناك تعليقات :