إِحسان الخوري
قِطَارُ البُؤَسَاءِ ...
السَّمَاءُ مُضِيئَةٌ..
البُيُوتُ يَملؤُها النُّورُ ..
المَحَبَّةُ تَنْمُو فِي الكَلِمَاتِ المُتَدَفِّقَةِ ..
السَّلَامُ يَحيَا دَاخِلَ هَذِهِ الكَلِمَات ..
هِيَ لَا تَزَالُ فِي قُلُوبِنَا ..
وَقُلُوبِنَا قَد تَهجُرُهَا ..
فَيَغْمُرُنَا الحُزْنُ ..
يَغْشَانَا الظَّلَامُ ..
وَنَمضِي إِلَى وَرشَةِ الشَّيَاطِينَ ...
العَامُ المَاضِي رَحَلَ ..
إِلَى مِنْطَقَةٍ مَجْهُولَةٍ قَد رَحَلَ ..
رُبَّمَا إِلَى مَتَاهَةِ الأَزْمَانِ ..
وَهُمْ لازَالُوا يَنَامُونَ بِدُونِ طَعَامٍ ..
فِي أَعيُنِهِمْ يَدُورُ الظَّلَامُ ..
ولَمْ يَرَوْا قِطَارَ الزَّمَنِ حِينَ مَرَّ ..
أَروَاحُهُمْ حَزِينَةٌ ..
مَذْهُولةٌ ..
مَهْوُوسَةٌ بِالمَوْتِ ..
وَتَشْعُرُ بِذَاكَ الفَزَعِ المَلْعُونِ ...
هَلْ أَفْرَغْنَا الإِنْسَانِيَّةَ مِنَّا ..؟
هَلْ تَشَوَّهَتْ ضَمَائِرنَا ..
أَيْنَ أنبياؤنا المُقَدَّسُونَ ..
هَلْ عَبَرُوا خَارِجَ الحُدُودِ إِلَى السَّمَاءِ ..
مَتَى سيعودونَ ..
وَيَمْحُونَ عَارَ الأَرضِ ...
القَسْوَةُ المُرِيعَةُ مَا فَتِئَت تَلْتَهِمُنَا ..
بَعْضُ الأَشْيَاءِ تَفُوقُ الفَهْمَ ..
البُؤَسَاءُ يَملَؤُونَ الأَرضَ ..
هَلْ كُنَّا لَا نَعرِفُهُمْ مِنْ قَبْلُ ..!
هم يَطفُونَ فَوقَ الطِّينِ المُوحِلِ ..
الأشْياءُ في حَياتِهم مَجنونَةٌ ..
لا يَشْتَمُّونَ العِطرَ ..
ويَرغَبونَ بِشدَّةٍ أنْ يُصبِحوا أزهاراً ...
هم يَتوقونَ للبيتِ عِندما جاؤوا الحَياةَ ..
ويُطهِّرونَ ذَواتَهم بِالمَطرِ حتَّى النِّهايَةِ الابَديَّةِ ...
أرواحُهُم تَعكِسُ الخَيرَ ..
نُذورُهُم تَنزِفُ مِثلَ أرواحِهم ..
همُ ذَبيحةُ المَحبَّةِ الازليَّةِ ..
يَتنفَّسونَ المَوتَ عِندَ مَغيبِ الشَّمسِ ..
وَيَحنونَ رُؤوسَهم لِتَبدأَ جَلَساتُ الاعتِرافِ ...
النُّسُورُ لَا تُفْسِدُ جُوعَ أَجْسَادِهِمْ ..
هُمْ يَبِيعُونهَا مِنْ أَجْلِ فَتَاتِ الخُبَزِ ..
ثُمَّ يَخْتَرِقُونَ الجُدرَانَ المُظْلِمَةَ ..
وَيُتَمْتِمُونَ بِكَلِمَاتِهِمْ المُقَدَّسَةِ ...
لِلمَحَبَّةِ كَانَ المَجْدُ ..
مَنْ حَلَّلَ تِجَارَةَ لُحُومِهِمْ ..؟
أَجْنِحَتُهُمْ مُحَاصَرَةٌ ..
الغُبَارُ عَشْعَشَ في زَوَايَا أَجْسَادِهِمْ ..
آلَامُهُمْ كَأَمْوَاجِ البَحرِ لَا تُهْدَأ ..
اِنْتِحَارُهُمْ بَاتَ قَرِيباً ..
وَرُبَّمَا لَا يَتَجَرَّؤُونَ ..
أَسَى وَجَنَاتِهِمْ العَنِيدِ لَا يُمْحَى ..
وَبُطُونُهُمْ الضَّامِرَةُ تَموتُ حَزِينَةً ...
لِنَخْطُوَ لِإِلْغَاءِ الشُّرُورِ ..
لِنَقِفْ طَوِيلًا عِنْدَ دَمْعَتَيْنِ ..
لِنَرقُصَ مَعَهُمْ تَحتَ المَطَرِ ..
وَنَرتَبِطُ بِهِمْ حَتَّى الخُلُودِ ...
رَغَبَاتُنَا الشِّرِّيرَةُ نَارٌ مُدَمِّرَةٌ ..
التَّسَامُحُ بُرجُ الأَبَدِيَّةِ ..
يَتَزَايَدُ كَعَنْبَرِ الحِيتَانِ ..
وَلَكِنْ ..
مَتَى سَيَحكُمُ السَّلَامُ العَالَمَ ..
هَلْ أَقْفَلَتْ السَّمَاءُ كُلَّ أَبْوَابِهَا ...
ليست هناك تعليقات :