رابط صفحتنا الرسيمية

» » ادريس الجرماطي - الاغتراب ...!



ادريس الجرماطي

الاغتراب ...!
أجدني الآن أبحث عن نفسي، لن أجد نفسي ما دمت بعيدا عني، ولكن....؟!
من يكون ذلك الذي أبحث عنه....؟! أليس ذلك الأنا الذي لزمني أن أجده في غيري..
أنانية الإنسان إذا تموت بموت الآخر الذي وجب أن يتخذ بي موضوع الوجود في جميع الأحداث، فحينما نستلذ بسعادة ما، فإن غاية الإشباع متصلة بمعرفة من نراهم مسايرين لحياتنا على دراية لما أحل بنا من سعادة، وكأننا نود فتح الصدر ليلج الآخر إلى كنه الدواخل لكي يحس بما نحس، وتنكسر الرغبة فينا بمجرد أن الآخر لم يستوعب درجة التغيير فينا، معناه أننا ننتفي بمجرد غياب الآخر فينا، يقينا بأن تلك السعادة غير مكتملة العناصر، بذلك يكون الآخر حلقة أكبر في أناءاتنا الكبيرة، الأنا موضوع كامل بمحضر وجودية قائمة الذات لما هو خارجي مؤثر فعلي موجب...
الأنا اسم يتجلى في الغير وضوحا وحضورا كملازمة الذات للظل وسط الشمس المائلة، (مائلة لأنها عمودية ، أحيانا تسقط الظل تطابقا على الجسد) ...
وهنا جدلية اعتبار الشخص كذات قائمة التكوين، تستلزم الدليل والبرهان القطعي الذي سيكون لا محالة ضدا على معناه من حيث وجودية فردية لا يمكنها الاستمرارية، فحينما تجلس لوحدك في مكان عمومي، فإنك حتما تحاول أن تثير نظر الآخرين حولك بحركات تميزك عنهم بقوة شخصك، أو بدافع ملكيتك لأشيائك البسيطة والموضوعة على طاولتك، أو كملبس على جسدك كتعبير عن تغيير مختلف، وتكون بتلك الكينونة المحترقة الباحثة عن الآخر في ضوء أشياء خارجية منك ، أو أن تصدر كلاما مع غيرك تبدي فيه بطولة موقف في مكالمة هاتفية ، أو تعبير غنائي هامس خافت، فذلك الشعور اللا شعوري نابع من البحث عن الكمال في استحضار الغير، كطموح مفضي إلى أن لا مصداقية للذات دون الذوات الأخرى، وهذه النزعة التواصلية الفردية تشكل بناءا على الآخر كمالا متناهيا نسبيا، فأنت لوحدك تكون دائم البحث عن الآخر بك افتراضيا أو واقعيا، وبالتالي فإن علاقة الفرد بنفسه استحالة نفسية، غير واضحة مادامت الذات لا تستطيع السيطرة على موقف الوجود بفردية اتخاذ القرار الشخصي فيك...
سارتر هنا أحكم التعريف حين أتبث عدمية القدرة على مواصلة الحياة الفردية بعبثية محاولة السيرورة بدون قيام الآخر كموضوع قائم الأركان في فعل الإنسان ولو في أموره الخاصة سلوكا وإرادة...
بمعنى إذا أراد الآخر مواصلة التواصل الذاتي لزمه إشراك أناه الأخرى فيه ولو احتماليا بوجود، أي أن حظ النجاح يكون أكثر بوجود آخر نفسي أكثر مما هو ذاتي، فالمغترب مثلا يكون ملزما بالبحث عمن يشاركه ألم الغربة والاغتراب فيه، بمجرد النزول في محطة الغربة والوحدة الروحية، فكلما وجد الفرد الآخر استأنس بالمكان وحلت به أريحية الفضاء ككون يمكن أن يستقر به بمجرد وجود من يرفع عنه حصار الوحدة وعزوف الذات عن محيط بدون الآخر يكون وهما مخيفا مهما سادته الطبيعة من جمال، رغم أن الطبيعة في حد ذاتها تبقى ذلك الآخر الخفي الذي يكون مكتملا، بأصواته وروحية عناصره من ريح وغبار ونسيم وحركة...

عن المدون International Literary Union Magazin مجلة إتحاد الأدباء الدولي

مدون عربي اهتم بكل ماهوة جديد في عالم التصميم وخاصة منصة بلوجر
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
رسالة أحدث

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد