رابط صفحتنا الرسيمية

» » حسن بنعبد الله - لطائف من شعر الدكتور اياد البلداوي



حسن بنعبد الله 

لطائف من شعر الدكتور اياد البلداوي
ـ المرأة وظلّها ـ " في واسع الكتابة "
بقلم : حسن بنعبدالله ـ تونس
ــ على امتداد الكتابة التي قرأت سواء من خلال الدواوين التي أهديت لي مباشرة من صديقي الأديب الكبير اياد البلداوي عندما زارنا في تونس وتحديدا في مدينة صفاقس في شهر فيفري 2017 بمناسبة الاحتفالية الأولى لاتحاد الأدباء الدولي أو من خلال هذه النصوص المبثوثة والمتناثرة هنا وهناك في صفحته الرسمية أو الصفحات الفيسبوكية للاتحاد وكأي منتبه لمسيرة هذا الرجل المبدع سواء منها التي تعلّقت بالوطن " العراق الحبيب والتي أتعبته بالغربة عنه والاضطرار إلى سنوات المهجر وطابعها الأكـــول وهو في عمر يحتاج فيها إلى النقاء وإلى الاستقرار والهدوء غير أنّ الحياة كما تشاء فيها الأقدار لا تترك أحيانا أمامنا خيارات غير التي يحددها العقل والمنطقة وترتاح لها النفوس وللغربة طعم ندركه في الكلمات ونتحسّسه في المعاني زد على هذا الابتلاءات الكثيرة التي عاشها صديقنا الدكتور اياد البلداوي وشاركناه بعواطفنا وكلماتنا الصادقة ما تعرّضت له مشاعره من اهتزازات وارتجاجات عنيفة ومن أشدّها حرقة وألما ـ موت ابنته الغالية هيفا ءـ تلك الصبية التي فارقت الحياة في عمر عزيز وهي التي كانت بمثابة الجناحين لأبيها وهي التي كانت ترفرف في وجدانه وتضحك في عينيه وهي التي كانت رفيقة وعاشقة ـ شاءت الأقدار أن تتركه وتذهب إلى برزخ علوي ولكن الأب الموجوع سرعان ما ينتفض وسرعان ما يعمّق الشعر من الحدث ومن الألم ومن العلاقة فتكون قصائده التي قرأت والتي احتوت بلاغة الوجود وفسّرت الواقع بلغة انسيابية يتكثّف فيها الوصف ــ والوصف في الشعر من أهمّ المميزات الدالة على قدرة الشاعر على الاقتناص والأخذ من اللحظات زخرفها وعنفها وعنفوانها ــ والوصف ميزة القرآن الكريم وهو الذي نجده مهيمنا في الكتاب ومبيّنا أطوار الحياة والآخرة بدقة متناهية وبالتالي يظل الوصف أمانة في مفهوم الكتابة عمومـــا من خلاله يجد القرّاء والنقاد معابر لسبر أغوار الكتابة وتحديدها وتحليلها وفهم أبعادها ـ يقول الدكتور اياد :
أغادرك وأترك روحي بين يديك أمانة
أغادرك وأتلمس الشوق في عينيك
كمن يبحث عن قشة
بين الآف العاشقين
يا جميلتي
أتوسلك لا تحنقي علي فانا يسكنني الم الفراق
فلا تعمقيه بدمعة
فقط ابتسمي
عساي ألتقيك في لحظة شوق إلآهية
أنغمسي بيني
لا تتركي أناملي
دعيها تجول بين أجزاءك
لأترك آثاري العاشقة الولهة
تستنشقيها كلما أذن قلبك
فانا معك أينما تكوني
لأني ظلك الذي بعثه لك خالقي
فلا مجال لنسياني
ـ وفي أغلب النصوص التي استهوتني أجد أسلوب الحوار المباشر بين الحاضر وهو الشاعر والغائبة وهي أنثاه ـ ملتبسا معا بالرموز فلا ندري أحيانا أهي شريكة دربه / الراحلة أو الباقية ... أو هي أنثاه العزيزة التي هربت بجسدها وتركت روحها ساكنة وعاشقة في روحه لا تفارقه أو هي العشيقة وتجديد الحياة معها أم هي الأنثى / العراق / أم هي الأنثى بغداد وما أدراك في عقله وفي تكوينه وهي التي انغمست بالطفولة والشباب وهي التي تراه غريبا وهي غريبة وبالتالي نجده يرتكب الحنين الساكن فيه أصلا ويخترق به المسافات :
ألا تذكرين
يوم اتخذتِ من كتفي مسنداً؟
علامَ التيه
فكل المساند لن تنفع أبداً...
وعند الندم
لن تجدي مسندكِ منتظراً
وككل كائن بشري يحتاج إلى وطن بقطع النظر عن المعنى المقصود فالأثر يظل من الدلالات الثابتة التي يجد فيها الشاعر ملامح وجهه وعصور أحلامه وارتباطاته الغابرة بالتراب وبالحبّ والعشق والأمومة والحياة عموما وللأثر في الكتابة تحديد الخطوات وتثبيت الأنا حيث الحرية والطمأنينة والبقاء وللأثر علامات العلاقة في المطلق مع الفلسفة والوجود وقد كانت مقدمة ابن خلدون أنموذجا حيا دائما على تحديد قيمة الأثر وحركته مع الوقت والانتباه إليه والاقتداء به وبالخصوص عندما نروم تأسيس نصوص أدبية أو لوحات ابداعية يكون فيها للأثر نصيب من الإحاطة والإلمام والشدّ والجذب وفي هذا يقول الدكتور اياد :
أ تقتفي اثري فأنا في زمن
ضاعت فيه علامات الدلالة
لا ترهقي حالكِ
لأنكِ غادرتِ ولم تملكي الاستطالة
عشقتكِ
حتى انغمست غرقاً
في بحورِ لم أعرف لها منارة
أيتها العنوان التائه
بين حروف العابثين
يا حورية لم تتعلم قدّاس العشق المبين
هو دستوري هل تذكرين.....؟
يوم تطهرنا بينابيع الحب ومائه المعين؟
ـ ولا يخفي الشاعر البلداوي تبعثره وما يعنيه هذا السير في مسيرته العاطفية فيلجأ إلى صورة الأنثى التي تقتفي أثره أينما حلّ وبات وتنظر إليه في صمته العميق وفي بكائه الخفي فهي تراه وتدري أنه يخفي أحزانه عن الناس وأنه يعلنها عبر هذه القصائد الدامعة التي تهجم على النفوس التي تعي قيمة الرجل وقيمة متاعبه وقيمة صبره ـ فهو أيوب عصر اللاّ صبر ــ عندما نقارن بين الأوجاع وعندما نجتمع لتحديد من هو الأشدّ قيمة أمام الضربات وأمام الابتلاءات فنجد شاعرنا مكلفا نفسه ـ أحمالا ذات شأن إنسانيّ واجتماعي وإبداعي فلا يتخاذل ولا يسقط ولا يبخل فهو الحقوقي وهو رئيس اتحاد الأدباء الدولي وهو المسافر منه إلينا والى العالم لتأسيس الفعل وتحريك السواكن وتمكين الحقيقة من التمترس على أرض الواقع فكانت احتفالية تونس لاتحاد الأدباء الدولي سنة 2017 وها هو يستعد للرحيل إلى المغرب لتأثيث الاحتفالية الثانية كما نجده معنا في أهدافنا لتأسيس الفروع ويفرح من قلبه لكل الخطوات ويشرح لنا صدره بالرد على كل الأسئلة والانشغالات ـ وهو الذي يتحمّل أعباء كل هذه الأسفار على نفقته الخاصة والمكلفة ـ وبهذه الروح المعنوية العالية نجده يطلق قصائده الطائرة ... قصائده التي تحمل أنغامها وتكمل صورها وأهدافها بطريقة سلسلة تنطلق من الذات إلى القلوب عابقة ومثيرة يقول :
كوني لي المبتدأ
طالما كنتُ الخبر
وامسكي بتلابيبي
فأنا اليوم متبعثر
خذيني نحو تلك التلة
حيث التقينا
وحيث افترقنا
وحيث نقشنا على سفحها العبر
تمسكِي بحرفي المكسور
عساك تعيدين أصله المتكرر
فكل الشدّ الذي تمارسينه
لن يرخي سم الخياط
لأني المبتلى بتلك العلل
جراح لم تلتئم
تركتيها دامية
تنتظرين بزوغ القمر
فلا ظلام الليل يجدي
ولا أشعة الشمس تجفف ما يتقاطر
وأختم بتحديد الملامح الأساسية للنصّ البلداوي ـ فهو البلاغة عندما يتعلّق الأمر باختيار الكلمات والجمل وهو الوحي كما أراده أن يكون منه للعاشقين وللغواية وهو الأسلوب الطبيعي الذي يحترمه التلقي وتدركه العقول وتستريح له النفوس وهو ما يفسّر هذه الردود والتعبيرات التي تنهال مفعمة ومسترسلة ومغيرة أحيانا بعيدا عن الإطراء والمجاملة بالرجل جدير بكل الاحترام والثقة وهو المنارة التي ترسل كلّ هذه الومضات واللّمعات التي تخرض من فيض نوراني ومن روح متعبة وملهمة ومن دفاتر قديمة وحديثة والأهمّ من تجربة كاتب كبير خبر الحياة واكتسب العلم والمعرفة وانتخبته الطبيعة لكي يكون مثابرا ومجاهدا ومنتسبا إلى الوجود بالمزيد وبالمزيد والمزيد من العطاء فالشيب في ملامحه قيمة و الخطوط في وجهه سطور محبة وله الفضل أخيرا في تحريك سواكني لكي أقول ما تسمعون ــ
أين أنا منك
يؤسفني حين لم أجدني
وأنا المبني على التمني
يؤسفني حين أغادر
وأنتِ هناك بين هنيهات الواحة
بين التألق والتجنّي
أيتها الروح الساكنة هذا الجسد
بربك ما الذي يشغلك عني
علام الهروب من حقيقتكِ
ولم الخوف من الآتِي
أنا / أنت قطبان يختلجان في لوح مفرود
يبسطان النفس دون حدود
لا باب موصود
ولا أمل ممدود
صراع دائم بيننا
من أجل الوجود
فهل تغلبينني
لا أعتقد سيدتي
فأنا تعوّدت التأني
فما عدت ذاك المصاب بالهوس
ولا أنا المكسور المتهدج
على جناح زمن متجني
عاشق نعم ولهٌ أكيد
مؤمن بدستور عشق
خطته أناملي لحب موروث
فأنا المتبني
ومسك الختام هذا النصّ البديع :
تقوم قيامتي
كلما يكتنفني الشوق
ويغمرني العشق
تنتفض ثورة روحي من جديد
وتنتحب أجزائي
يا أيتها النفس التي تتصارع معي
بيني
تنهرني كلما اشتدت آلامي
بربك من ذا الذي يزيل همّي
ويأخذني عندها
بربك من ذا الذي يزيل عشقي لها
كلما أغادرها
أشعر أن قيامتي تقوم
تنتحب الأرواح الملائكية لحبنا
أيتها الأرواح
أحتفظي بي بين كنفها
أحضانها
وأتركيني انغمر في قبلاتي
حتى تلتهب نواحيِّ
وأتمسك بها أكثر وأكثر
أقسم أن عشقي ليس كعشق المحبين
لا تبتسم
هي حقيقة آمنت بها منذ خلقي
وشغفت بحبٍ لم أكن أعرفه بعد
وترعرعت بين أجنحة العشق
حتى صار منهجي
مستقبلي ومنتهاي
وأنتِ / يا أنتِ
يا من آمنتِ بي
ووضعت بصمتكِ على دستوري
تجذرت فيَّ ولم اعد استطيع فراقكِ
لأنكِ الحب الذي تمكّن مني

عن المدون International Literary Union Magazin مجلة إتحاد الأدباء الدولي

مدون عربي اهتم بكل ماهوة جديد في عالم التصميم وخاصة منصة بلوجر
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
رسالة أحدث

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد