رابط صفحتنا الرسيمية

» »Unlabelled » العربي الاحمر ..يوقد اسئلته: عدنان حسين \تقديم اياد خضير


العربي الاحمر يوقدُ اسئلته 
عدنان حسين ليس مجرد شاعر أو سارد يصف حوادثاً أو يسرد تفاصيل ، بقدر ما هو عنصر فاعل يتفاعل مع المحيط ويخرج من إطار الذاتية المفرطة إلى الصوت الجمعي ليكون عنصر تغيير ونقطة تنوير وسط فوضى الوجود وهذا ما يؤكده الناقد طرّاد الكبيسي حينما مايز بين الشعر القديم والشعر الجديد وبين الشاعر القديم والشاعر الحديث حينما قال : (الشعرُ اليوم ، مثلُ الفلسفةِ ، موقفٌ إزاء العالم ، تتأكدُ فيه إرادة الإنسان في تغيير هذا العالم ، بأقصى وأسمى درجات الحرية .. ) في هذه المنطقة المعرفية تتجلى فيوضات الشاعر تجاه عالمه ليجسد معطيات التزامه إزاء الوجود ويطرح أسئلته الوجودية ويعلي صرخته المتماهية مع الذات الإنسانية المعذبة في كل بقاع العالم الواقعي ..



عدنان حسين
شاعر عراقي 
تولد 1973العراق بغداد 
خريج كلية الآداب / قسم اللغة العربية / الجامعة المستنصرية عام 1997/1998.
مدرّس لمادة اللغة العربية منذ عام 1999في المدارس الإعدادية. 
مسؤول الصفحة الثقافية في جريدة العهد الجديد 2004/2005.
النتاج :
خطبة العربي الأحمر / مطولة شعرية . صادرة عن دار الجواهري للطباعة والنشر بغداد 2015.







أسفار في ذاكرة الجمر / مجموعة شعرية / صادرة عن دار الجواهري للطباعة والنشر بغداد 2016.
مجموعتان شعريتان قيد النشر .


قصائد منشورة في الصحف والمجلات العراقية والعربية منذ 1999.
خطبة العربي الأحمر مطوله شعرية عكست إرادة الشاعر في بلورة تجربته المعرفية واشتغاله الملتزم فهو لم ينشر أي عمل شعري كمجموعة من نشر أول نصّ له في جريدة الزمن عام 2000 لإحساسه بأن العمل الشعري حين يتمظهر في كتاب يكون موقفاً وجودياً وليس ترفاً تعبيرياً أو مغامرة انفعالية تخبو مع الزمن فلقد جسّدت هذه المطولة ملحمة الإنسان العربي في خضمّ فوضى الوجود وضياعه وأوجاعه لتكون متشاكلة مع المأساة الإنسانية ومترابطة مع التاريخ ومتفاعلة مع الحاضر فلقد ابدع فيها الشاعر في رسم أبعاد المأساة من هيروشيما إلى بغداد وفلسطين إلى مأساة الهنود الحمر وكل الشعوب المظلومة لتكون جغرافيا تتشكل فيها خرائط عوالم الألم والثورة ولقد كتبت عنها دراسة نقدية نشرت في مجلة الرقيم الفصليه وكذلك في أوراق جريدة المدى وجريدة الزمان .



إنّ ( خطبة العربي الأحمر ) كمطولة شعرية مقطعية تضعنا عتبة عنوانها أمام أحتشاد هائل للدلالة المتوهجة في أفقها من خلال سيميائية العنوان وإشاريته العالية والذي يفتح استرجعات في ذاكرتنا عن الخطبة في تراثنا الشعبي والديني وكلمة الأحمر وجيولوجيتها التاريخية الثرية ومافيها من مستويات دلالية عرقية أو دينية أو ثقافية ، إن الترميز في عنوان المطولة يحيلنا لخلق مستويات عدّة يضمرها في ترميزه العنوان الذي يفصح عن تناص وتفاعل بشري خارج حدود اللون والعرق هو ليس تناصاً لغوياً أو فنياً أو أسلوبياً فقط بل يكون أفق التناص أوسع ليؤلف وحدة موقف وجودي أزاء قضايا إنسانية فالتناص هنا فكري فلسفي أيضاً يقترب من "مثاقفة " مواقف وتحديات فئة أو مجموعة بشرية تجاه قضية وجودية و يتعالق مع موقف وجودي سابق له لينتج تفاعلاً نصيّا على مستويات متعددة من حيث الشكل فسيفساء النص أو المضمون والرسائل التي يحملها النص هنا تتجلى فاعلية التفاعل على حد تعبير رولان بارت المشهور " لا توجد كتابة من درجة الصفر " لهذا يقول الدكتور صابر محمد عبيد : ( إنّ ما يؤكده جيرار جينيت حين ينظر في السياق نفسه إلى " الخطاب الأدبي بوصفه أصلاً مولّداً لعدد لانهائي من النصوص " على هذا النحو الذي تكون فيه ظاهرة التناص فعالية أصيلة وقارة لامناص منها، حين يتحوّل الخطاب الأدبي بمعناه الواسع إلى أرض خصبة حبلى بالنصوص إلى مالانهاية ، بحيث يصبح التناص أمراً واقعاً لامحالة ، فهو على هذا المستوى جزء من حركية الخطاب وحياته وتمظهراته وقوّة تأثيره في مجال العمل والتأثير والانتاج والثقافة ) يضاف إلى ذلك سيميائية الإهداء فلم يكن من باب الترف أو التقليد العرفي بقدر ما كان متوهجاً بثراء دلالي على علة العمل الغائية ، وهذا ما نجده من الفقرة الأولى في التماهي مع القضية الكونية الإنسانية والتفاعل مع التجارب السابقة لهذا النص الشعري : 
إذاً ,
ما اكتفيْتَ ...
يا سيدَ البيضِ ...
" سبعونَ مليونَ قلبٍ فقأتَ " 
في ضفافِ المسيسبي 
عندَ ذاكَ الأمسِ البعيدْ 
كمْ قتلْتَ ! ! 
يا سيدَ الخيلِ ... من إخوتي ... كمْ قتلْتْ... 
في أمسِ روحي 
كمْ تماديْتَ !! 
يا ربَّ الحديدْ ... 
وما اكتفيْتْ 
سيدَ الليلِ والخيلِ والنبيذِ المُشاعْ .
دنَّسْتَ فوقَ السهوبِ 
في قوسِ قلبي 
مرايا الأساطيرِ العتيقةْ ص9/10



وبعد المطولة الشعرية لم يتوقف الشاعر عدنان حسين على تخوم هذا العمل الشعري الملحمي بل قدّم لنا عملاً شعرياً استكشف فيها الشاعر من خلال أسئلته الشعرية مناطق وجودية أخرى يتجسد فيها الألم وتحديات الذات البشرية لما يواجهها من إلغاء وقهر فالمجموعة الشعرية ( أسفار .. في ذاكرة الجمر ) والتي حوتْ بين دفّتيها أربعة عشرَ نصاً شعرياً وكان النصُّ الشعري الملحمي ( أسفارٌ .. في ذاكرة الجمر ) والتي حملت المجموعة عتبة عنونته النصيّة هو نصٌّ بنيَ بتناص تشكيلي مع أسلوبية الكتاب المقدس التبويبية ، بتقنية العنونة للسفر غير المتطابقة حرفياً ، لتكون الأسفار في القصيدة متطابقة مع رؤية الشاعر وحداثيته وقضاياه الإنسانية ، وكان كلُّ سفر قصيدة تجلّت فيها الأساطير واستثمرها الشاعرُ دلالياً من خلال تفجير طاقاتها الدلالية ومضامينها الإنسانية ، لتكون متناغمة مع ذات الشاعر ومواقفه الوجودية أزاء قضاياه الإنسانية الراهنة وتفاعله الكوني ، ليشرّح من خلال هذا التوظيف أبعاد المأساة وكنه الأحداث ، فكانت قصائد هذه المجموعة تدور في بؤرة مركزية ديناميّة وهي موقف الشاعر تجاه قضايا الإنسان وصراعه المرير مع قوى الاستبداد والإلغاء للهويّة الإنسانية ، فكانت هذه القصائد رسائلَ احتجاج رافضة لسحق الذات البشرية في آتون الآلة العمياء والعهد الجديد من الإلغاء والتهميش والاحتلال الذي يدّمر إرث الشعوب ويصادر حاضرها ومستقبلها ويدمّر ماضيها ويحرق ذاكرتها :
صلبانُ مملكةِ الزوالِ تلوحُ في دربِ العروجِ إلى المشانقِ 
عندَ أبراجِ الدخانِ 
وعلى مسارِ الجمرِ يستعرُ النخيلُ 
وتسعلُ الأفاقُ من فوضى الحريقِ ؛
ليبدأ الشعراءُ تشكيلَ المراثي عندَ شاهدةِ الطريقِ إلى المعابدِ 
حيثُ تسلخُ هجمةُ التتري ألواحَ الوصايا والأغاني ...
عمّا قليلٍ سوفَ تصلبُ كلُّ أحلامِ النوارسِ في رؤاكَ 
وينتهي فيكَ المخاضُ إلى مجازرَ ترتوي فيها صراعاتُ الملاحمِ في بقايا زورقِ الأوديسة المكسورِ عندَ شواطئ العدمِ الفقيرة ...
لكنّكَ الآنَ تشاهدُ في وضوحِ الميتينَ
تأرجحَ الفقراءِ في عُقدِ المشانق ...
وتحيطُكَ الغربانُ من كلِّ الجهاتِ قصيدة غرانيق الفجيعة ص 11/12
فقصائد هذه المجموعة هي في جوهرها مماحكة تتجلّى فيها الرؤية الفلسفية والمواجهة الوجوديّة مع كلّ ما من شأنه تدمير كينونته البشرية وإطفاء جذوة الحياة بشعاراتٍ زائفة كتحرير الشعوب وإنقاذها وفضح هذه العقلية العفنة التي تريد مصادرة الجمال بمسميات العولمة المتفسّخة ، فكما كانت الكلمة هي البدء كان الشعر هو البادئ بفضح زيف هذه الأقنعة ، ليحقّق الشاعرُ من خلال موقفه الوجودي الملتزم حريّة الإنسان الذي يريد أن 
يحيا في أرضه حرّاً وليس مستعبداً بشعارات وحروب باطلة ، فكانت ذات الشاعر تتساما مع كلّ ذرات وجوده ، وتماهيه وتلاشيه مع أمكنته وذاكرته وتراثه وإرثه الحضاري :
ليلُ الغازيِّ الهمجيِّ يُدمِينا 
ويخنُقنا الدخانُ البربري .
يحاصرنا الخرابُ 
يطاردنا بليلِ الخوفِ في عبثٍ غرابُ
والنهرُ في ذاكَ المساءِ الفوضوي 
نُثرتْ على أمواجهِ أشعارُ حزنِ الأندلس 
من لونِ نيرانِ الضفافِ المُدميات 
في موجهِ الفضيِّ موتاً ينعكس 
لم يبقَ في أفقِ الدمارِ منازلٌ للنورسِ الفضيِّ والغيمِ الأليف ...
ذبلَ الهديلُ وعمّتْ الفوضى أغاريدَ العنادل .
تخضرُّ فوق تردّدِ البرديِّ أصداءُ النعيب 
أشواكُ ليلٍ من أرقْ 
تنمو على جلدِ الطريق 
وعلى سماءِ الحلمِ أبراجُ الدخانِ المرِّ 
أطواقُ موتٍ ترتوي ممّا تبقى من رضابِ النورِ في صفوِ النخيل ( عنقاء القيامة ص38/39)
ليواجه الشاعر هذه الهجمة الظالمة على كيانه الإنساني من قبل غيلان الحاضر من تجار حروب وسراق أوطان فيواجههم بإرثه الحضاري الذين هم عاجزون على إلغائه والذي تمتد في أغواره جذور الشاعر :
نملٌ أبيضُ 
يجتاحُ في عتمِ الأسى أعماقَ سروِ الذاكرة 
عذّبوكِ وشوّهوكِ وقيّدوكِ بالكاهنةِ والخرافة ...
لكنّهم فشلوا بتغييرِ التسلسلِ والتناسخِ في تواريخِ المسلّاتِ القديمة .
لم يقدروا تغييرَ سيرِ الحامضِ النوويِّ للأشياء 
عجزوا على طمسِ بياناتِ الولادة 
وما استطاعوا حرقَ ذاكرةِ النخيلِ البابلي 
وخزينَ ذاكرةِ النُصب (عنقاء القيامة ص 40)






تقديم : اياد خضير الشمري

عن المدون International Literary Union Magazin مجلة إتحاد الأدباء الدولي

مدون عربي اهتم بكل ماهوة جديد في عالم التصميم وخاصة منصة بلوجر
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
رسالة أحدث

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد