ادريس الجرماطي\ المغرب
احتمال في الظل....!
كسرعة الضوء، أو ربما أقل من ذلك بقليل، الساعة الجاهزة ترفض العد معترفة بأنها فاشلة في متابعة الزمن الذي يجري في ظل الظل، لم يكن الوضع عبثيا، لم يكن خيالا قصيرا أو ضعيفا، في الزمن القصير والضعيف تقع أشياء لا يقبلها العقل أحيانا، وأحيانا أخرى يصير الأغرب أكبر من المعتاد، في الظل يستحيل أن تتقبل المستحيل، لأن كل استحالة ما هي إلا رؤية عادية....
ألف البشر أن يرى ثقوبا ترغمه على تحمل أوضاعه ، واستحملت سلاله جمع الماء من صنابر عشوائية تقاس على وزن الهلاك، والألفة جعلته لا يموت تدريجيا دون إرادة، لكنه بصيغة الموت في حياة باهتة، ولكي تدون هذا الوضع، يمكنك أن تصنع سياجا حديديا بلغة التحدي لحياتك ، وتمد يديك خارجا، والرأس منك في زنزانة، أما بقية الجسد فلا يعرف منك مكانه الأصل عبر أبدية لا تتذكر متى البداية، أن تكتب ذلك يلزمك أن تكون محترقا محترفا وتصير رمادا وتبني فوقك عشا، وتخلق دهشة ذكائية تتوسل أن تحن فيك من خلالها الطيور، علها تكون لك مؤنسا يفهم وضعك لينوب عنك في الطيران، لأن الحرية مفهوم غريب لم تستوعب معناها العديد من الأمم...
في إحدى القرى المجاورة للمحيط الهندي، تأكد لسيدة طويلة القامة، بدينة الجسد أنها كانت في علاقة جنسية غير شرعية مع أحد الغرباء، غريب عليها غرابة السحر، رجل ماكر حاد اللسان، أبويه ضائعين مند زمن بعيد، تركاه صبيا بين الأشجار، كبر كما تكبر الفراخ، إذ لا ثدي ولا غطاء، لا قانون ولا سطور، كان وحشا ضاريا قاسيا يشرب من أثداء إناث الوحش، وكل من أتى في طريقه مهما توسله ودرف الدموع وعبر ببكاء التعبير عن تواجد صبية ينتظرون زبدة اليوم بما تحمل الضروع، رجل لا يحول بينه وبين الظلم رعد ولا برق، فتراه عاريا صاخبا، لا يضحكه أحد، مهما آنسته القردة، وتراقصت النعامات جنبه، فهمه الوحيد إشباع غرائزه وطمس أوراق الطبيعة، فهو ظلام وسط ضوء الشمس...
لم يكن رحيما بالأنثى التي لم تشبع عيناه مثيلا لخلقتها، آدمية بسيطة لا تحتمل صراع الأسود مع الضباع، في غابة كثيفة الأشجار، بدورها لم تعد تعرف متى وجدت في ذلك العالم الغريب، سيطر الوحش الآدمي على قواها، كمن أسقط صخرا كبيرا من السماء على جسدها الرهيف، تندد، تصرخ، تبكي، عويل أشد، صياح أقوى، نواح جارح كدوي قنبلة على أرض خصبة ردتها الضربة رمادا ونارا ثم بخارا، وهنالك لا سميع إلا الصدى، الذي يشمت بالأصوات ويرددها كمذياع جائع يجتر الأخبار، وكما تصمت الدجاجة في صمت رهيب وهي تركن لواقع مفروض مفترض، سجنت المرأة ألم الخوف والجراح اللذان يعتصران لواعجها، حيث لا عفوية تنفع ولا رهافة تنقد مواقفا جاءت كرياح عاصفة على عقارب زمنها الميت والضائع وسط الآهات...
وكمن يولج العلب ويمددها في أغوار بعضها البعض، تماما كترتيب الله لقشور طبقات البصل تتوالى العقد، في البطن عبوات وشلالات تندد بالفيضان، وفي الأحشاء ألغام طائشة، لا مناص من الإحساس لدى السيدة البدينة أنه تمت اختلاق براكين زائدة تحاور الأمعاء، تطالب بمكان وفراغ يتسع للجديد المؤلم والمفروض، علنا على الجسد المتآكل بفعل الغضب، أجساد تولد من نار الافتعال، والكينونة جاحدة مدمرة، وصغار العصافير تبكي فوق الأشجار، والذئب يصرح من أغواره المظلمة، والجميع هنالك يتساءل عن قضية اغتصاب بشرية ، لا قوانين تضبطها ولا فصول تروي أحداثها التي ستلبي نداء ازدياد الويلات وبنفس قياس الغضب. في الشرايين قنابل مجسدة، لم يكن الجسد يتخذ حيطة ولا حذر عبر طرقه الشائكة المتشابكة، أنين الأيام يستمر وفق الجحود المعتاد، والدم يغلى على أوثار نار ستحرق الأخضر واليابس في دواخل بريئة، كأن الأنثى في مصيره مجرد آلة حصاد لا تفكر إلا في أعاصير الألم، كما وضعوا لها تركيبا معينا لذلك، اختلج ماء الغدر بواطن اليتيمة، عج بنمو غرائزي محتوم، غدا كمستعمر أبدي ينوي غزو ممتلكات الجسد بما فيه من ضعف ورهافة، وكأن بطنها زجاجة دائرة يسوقها القدر إلى نطف مائية تتحول بفعل الخلاص إلى مضغ قائمة تنوي أن تكون جسدين صغيرين يعشقان البعد العاشر، بعد أقرب ما يكون لزنزانة الكفر والظلم والكراهية، جسدين أحدهما بشكل دنيا كاملة من الجحود، أما الآخر فكوكب يعلوه شغف الشر والاعتلاء في صنع الغرائب من أرض طالها الغموض البشري بدءا بالبداية، ودون علاقة توقف إلى حدود الآن، الصبيان كأنهما من سلالة الشيطان الأخرس اللعين، فالقرار الشيطاني يميل إلى حجج الاضعاف في المخلوقات المنتمية إلى كراهية البشر فيما بينه وبين كل ما يجري حوله من خطوط، فالجسدين غير ما في حسبان أنثى ضعيفة الأفكار، مجنونة يكاد العطف يمزق حياتها وهي من تشد بسرابيل حياة الغضب، قرر الشيطان أخيرا أن يأخذ محمل الجد على الذاتين الصغيرتين، وطلب منهما تزاوجا باطنيا كي يكون الاعمار داخليا عميقا يكبر باتساع بطن لا حيلة له غير أن يموت بفكرة القرار نفسه، في الاحشاء تزوجت دنيا بالطفل الكوكبي، وبعد أعوام كثيرة كبرا في عز سكون الظلام، وامتدت أفكارهما في تزاحم غريب وتنافر شديد، سرعان ما فقدت الأم المتألمة صوابها وشلت خطوات أيامها، وصارت دواخلها تتكاثر بفعل الاستمرار الداخلي الذي يرفض أن يواجه وقائع الظلمات البشرية، وتنامى العالم بشكل اعتباطي عشوائي غير مرغوب فيه، وتفاقم الوضع ، تكاثرت الدنى وانتشرت الكواكب الأخرى دون رؤية واضحة للأم الأصل في جميع الذوات الجديدة، مما أدى إلى عالم وراثي كبير ، يعيش في الأحشاء بنية الانتقام من أب هارب ، لم يكن بدوره سوى بصمة عار مختلقة في طريق الرهافة، ودون أن يعرف الرجل بأنه عاش لحظة غرام بأخته المولودة في غابة العبث، ومنه تناقل الأجنة في بطن الأم خبر السماح بزواج المحارم، وعند نقطة الغموض، قرروا عدم الخروج الى الكون، والاكتفاء بالبقاء داخلا، مبررين موقفهم السوريالي، بأن وسائل الاعلام أشد كفرا ونفاقا، مما يجعل الحقائق مغيبة في عدة مواقف غاب فيها البطل، وأصبح المجرم هو المالك الوحيد لكل الحقائق...
ليست هناك تعليقات :