رابط صفحتنا الرسيمية

» » حسن بنعبدالله / تونس بينَ البَيت الشّعريّ .. والسّطرالشّعريّ .. والجُملَةُ الشّعرية ــــ



حسن بنعبدالله / تونس

بينَ البَيت الشّعريّ .. والسّطرالشّعريّ .. والجُملَةُ الشّعرية ــــ
تعرِيفاتٌ .. مِن تجربتي .. وتجارب مٌقارنة ..

01 ــ البيت الشعري ذي الشطرين المتوازيين عروضيا الذي ينتهي بقافية مطردة في الأبيات الأخرى .. ويقتضيها " الشّعر العمودي .. وهذا مجال عرفناه في الشعر الكلاسيكي العمودي .. وبما أنني أميل إلى كتابة شعر التفعيلة والشعر الحرّ وأمارس أحيانا النثري ّ فقد رأيت الخوض من كتاباتي بعلاقة بين ـ السطر الشعريّ والجملة الشعرية ــ وقد تعدّدت أسماؤُها " قصيدة قصيرة " ــ " قصيدة الومضة " ــ قصيدة : " الهايكو" وغيرها ..
مع التِزامي واقتناعي كونها ــ جُملَةٌ شعرية ـــ " تبدأُ بسطرٍ وتحتوي سطورا غير محدّدة وتنتهي بكلمة أو قل سطر ـــ
2 - السطر الشعري : السطر الشعري تركيبة موسيقية للكلام، تحتوي دفقة الشاعر الشعورية أو الفكرية ، فتقصر أو تمتد تبعا لهذه الدفقة ، مثل : الدّمعة ..
ـ فِي دَمْعَةٍ مُضِيئةٍ تَقَولُ كُلَّ شيءْ ـ
وحين يقول شاعرُ العراق الأول ـ الراحل " بدر شاكر سيّاب " سطرهُ الشعريّ عن العراق يكون قد عمّق التعريف بالوطن ـ
" الشمس أجمل في بلادي من سواها والظلام " ــ فقد بدأَ بدايةً مُلهِمةٌ " الشّمس " وختمَ حاسمًا في وجيز ـــ
ــ وقدْ تحقَّقتْ الوقفة الدلالية مع اكتمال المعنى بانتهاء السطر ...
03 ــ الجملة الشّعرية : تتسبّبُ الدفقة الشعورية في رغبة البحث عن قالب موسيقي قادر على احتوائها ، فيخرج الشّاعرُ بواعزه وتصوّره من السّطر إلى الجملة الشعرية محقّقا بذلك غاية التبليغ بأوسعِ منَ السّطر إلى عدّة سطور : كما في قصيدتي ـ المنزل ـ
أَشَيِّدُ لِي مَنْزْلاً فِي الدُخَانْ
بِهِ مِسْبَحٌ ..وَثَلاَثُ غُرَفْ
أَخَصِّصُ وَاحدَةً لِلْبُكَاءْ
وَواحِدَةُ لِلْجُلُوسِ مَعِي عِنْدَما أشتَهِي الهَذَيَانْ
وتَبْقَى الأَخِيرةُ مُغْلَقَةً
فِي انْتِظَارِ الّتِي قَدْ تَجِيءُ
وقَدْ لاَ تَجِيءْ
.......
ـ وهذِه جُمْلَةٌ كاملَةٌ تِبَلّغُ القَصْدَ .. ولا يتمُّ المعنى إلا بنهاية السطرالسابع ، ما يعني أننا أمام تضمين. وهو يعكس حركة نفسية وفكرية قوية منطلقة ممتدة ...
ــ فَلوْ قُلتُ " أُشَيِّدُ لِي مَنْزِلاً فِي الدُخَانْ ــ" وهوَ سَطرٌ شعريّ يُؤدّي المعنى ويتركُ المجال للتأويل والمجاز .. وتوقّفتُ .. لما تمكّنتُ مِن تَبْلِيغِ الفِكرَةِ والقصد ...
وقولِي :
ـ أَجْمَلُ مَاَفِي التّينِ
أَنَهَ يُخْفِي ثِمَارَهُ
عَنْ أَعْيُنِ الاشْتِهَاءْ
ومثلُهُ ـ امْرَأةٌ ناضِجَهْ ...
ــ وهذِه جُمْلَةٌ كاملَةٌ تِبَلّغُ القَصْدَ .. ولا يتمُّ المعنى إلا بنهاية السّطر الرابع ..
ــ وقد تكون القصيدة بأكملها جملة شعرية ، أقولُ في نصِّي " احْتِوَاءْ"
وَجِئْتُمْ عِشَاءَا
وَقُلْتُمْ بُكَاءَا
وَفِي النَّفْسِ مَا سَوَّلَتْ ؟؟؟
وَحِينَ الْتَفَتُّ إِلَى الصِّدْقِ كَيْ أَتَحَرَّى
قَرَأْتُ بَصِيرَا ،
ـ فَلاَ الذِّئبُ خَبَّأَ فِي دَمِهِ ...
وَلاَ احْتَمَلَ الزَّيْفُ رَفْعَ الغِطَاءْ
فَبَانَتْ خِيَانَتُكَمْ فِي العَرَاءْ
وَأَقْرَأْتُكُمْ " حَرَجَا "
ومن التعريفات الهامّة " الجملة " ما يحسن عليها السكوت و تجب بها الفائدة للمخاطب
أوهي : كل لفظ مفيد مستقل بنفسه مفيد لمعناه .. و بهذا، تكون الجملة في أقصر صورها هي أقل قدر من الكلام الذي يفيد السامع بمعنى مستقل بنفسه سواء تركب هذا القدر مـن كلمـة واحدة أو أكثر.. فليس للجملة طول محدد، بل تتراوح بين القصيرة جدا، و الطويلة جدا ...
ـ ومن الحديث المُترامي في علاقتي بالشعر الحديث وخصوصا علاقتي بالشاعر العراقي الكبير والمميّز على مرّ العصور ببلاغة ما يقول وما يرسمُ وما ينقشُ في اليقين وفي الذّاكرةِ من عميق وعي ومن أثر دلالي ــ في مُحيط لفظيّ ولغويّ شفيف وفي أسلوب سهل يستقيمُ مع القراءة وفي هوى النفس " بدر شاكر سيّاب " يقول ـ في جملة شعرية ـ
من قصائده في الحب هل تُسمّينَ الذي ألقى هياما ؟
أَمْ جنوناً بالأماني ؟
أم غراما ؟
ما يكون الحبُّ ؟ نَوْحاً وابتساما ؟
أم خُفوقَ الأضلعِ الحَرّى ،
إذا حانَ التلاقي بين عينينا ،
فأطرقتُ ، فراراً باشتياقي
عن سماءٍ ليس تسقيني ،
إذا ما ؟ جئتُها مستسقياً ، إلاّ أواما
ــ ومن جُملِهِ الشعرية القصيرة و المعبّرة قولُهُ :
فؤادي وهل
في ضلوعي فؤاد
لقد كدتُ أنساهُ
لولا الصدى
ــ " حيث يكتمل المعنى وتتشبّعُ الكلمات بمدلولها في أربعة أسطُرٍ فقط ــ
وأختِمُ بهذا النّمُوذج الذي ألفتُه خصّيصًا للتأكيد في هذه المقاربة على ـ غبطتي المتواصلة بانتهاجي أسلوب : الجمل الشعرية في كل قصائدي وفي كلّ دواويني الشعرية ـ
ــ النّص : " حَدِيثُ الوَعْي .. والوَعدْ "ملة شعرية أولى :
ـ أَتَعْرِفُ نَهْرًا
يُؤَدِّي إِلَى شَجَرَهْ
أَتّنْظُرُ مِنْكَ إِلَى الرِّيحِ
مَا بَيْنَ عُرْيِ الفُصُولِ .. وَأَشْجَارِها
أَتَدْرِي مَتَى تَأَخُذُ الرُّوحُ مَنْكَ شَذَاهَا .. وَتَرْحَلْ
أَتَكْتُبُ كُلَّ التَّفَاصِيلِ مَا أخّذَ الوَرْدُ مِنْكَ ، ومَا فِي التآويلِ أَهمَلْ
أَتَسْأَلُ وَعْيَكَ عَنْ قِيمةِ البَحْثِ فِيكَ عَنِ اللهِ .. وَمَاذا تَلَقَّيتَ مِنهُ وَأرْسَلْ
سَيخدَعُكَ الأَخْذُ مِنْ عِنَبِ الإحْتِواءِ .. وَمِنْ أَصلِ مَاءِ التَّرَائِبِ .. والصُّلبِ .. وَالأَسْئِلَهْ
02 ــ جملةٌ شعرية ثانية :
ـ لَكَ المَدُّ
حِينَ تَمُدُّ إِلَى شَجَرَهْ
سَتَعرُجُ كالبَوحِ .. تَخْتَرِقُ الظُلُمَاتْ
وَتَستَرِقُ السَّمْعَ .. تَسْمَعُ حَتَّى تَرَى بالمَرَاقي
وَتَشعُرُ بالإمتِلاَءِ يَقِينا عَظِيمًا .. ومَنْزِلَةً بَيْنَ صَمْتِ النُّجُومْ
هُنَالِكَ : سَوْفِ تُقِيمُ وَتَعلَمُ سِرَّ المِجَرّاتِ مِشدُودَةً للسَّدِيمِ .. ومُزْدَحِمَهْ
سَتَفهَمُ مِنِها : لِمَاذا احتَوَاها المُحِيطُ ؟ وَمِنْ أِيِنَ تَبْدَأُ ؟ وَفِي أَيِّ مُنتَشِرٍ تَنتَهِي ؟
تَرَى بالهُرُوبِ مِنَ الأَرْضِ نَحْوَ المَلاَذِ العَظِيمِ الذِي كُنْتَ تَنْشُدُهُ كَيْ تُبَلِّغَهُ حَرَجَ البَهْذَلَهْ
03 ـ جملةٌ شعرية ثالثة :
ـ غَدًا تَتَبِرَّأُ مِنْ دَفْتَرِكْ
تَشُكُّ .. وَأَشْرَكِتَ .. هَلْ
خَانَ ظِلُّكَ يَومًا عُيُونَكَ .. فَمَا استًوعَبَتْ مَا تَراهْ
أَمِ السَّطْوُ عَادَةُ مَنْ جَرَّبَ الانْفِلاَتَ .. وَلَمْ يَرْتَكِبِ شَهْوَةَ البَحْثِ والانْتِبَاهْ
تُبَسِّطُ بالقَولِ مِنْ سِيرَةِ المَاءِ فِي جَرَيَانِ السَّوَاقِي إلَى أَسْفَلِ الإِنْحِدَارِ بِقُوَّةِ دَفْعِ الشِّفَاهْ
وَتَسْكُنُ فِي مَنْطِقِ الذَارِيَاتِ وُثُوقًا بِحَشرَجَةٍ فِي أَنِينِ المَوَاعِيدِ " بَيْنَ التَغَابُنِ وَالحِحَصِ المُهْمَلَه
ــ وقد ذهب بي الأسلوب الروائي ـ باعتماد جملة شعرية طويلة ـ وبحجم كتاب ـ في ديواني الأخير ـ نصّ وحيد يحمل عنوان " أحجياتُ الصلصال ...

عن المدون International Literary Union Magazin مجلة إتحاد الأدباء الدولي

مدون عربي اهتم بكل ماهوة جديد في عالم التصميم وخاصة منصة بلوجر
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
رسالة أحدث

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد