رابط صفحتنا الرسيمية

» »Unlabelled » فيصل سليم التلاوي\ وِقفات على الأطلال


فيصل سليم التلاوي 


وِقفات على الأطلال
شعر: فيصل سليم التلاوي
وقفتُ على باب كل المدائنِ
تلك التي عفَّرَتها السَموم
وطافت بها ريحُ عامورةٍ وسَدوم
أسائلها عن سنينٍ عجافٍ
وقفتُ على الموصلِ العَذبِ أم الربيعين
هل حلمت بعدها بربيعٍ جديدٍ
أم ان السوافيَ عاثت بساحتها
أسلمتها لليلٍ من الجَدبِ
طاف بها طائفٌ
ثم خلَّفها بعده
تستكينُ، تجفُّ، تُشنِّجُ أوصالها
رعدةٌ وارتجاف
أسائلها عن ربيعٍ تبدل، صار هجيرا
وأُسدٍ بساحاتها مُسِخَت، واستحالت خراف
وقفت وحيدا بشط الفرات
وقفت على طَلَلِ الرقتين
سمعتُ حبيب بن أوسٍ"3" يُتمتِمُ:
بالشام أهلي وبغداد مَهوى الفؤاد
وإنيَّ بالرقتين مقيمٌ
وفي مصر لي أخوةٌ وصحابٌ
ويجمعنا الشمل والانتساب
وضاع النداءُ سُدى
ولم يبقَ إلا الصدى
وحيدًا ترددَ عَبرَ المَدى
وحشرجةٌ مثل طعن المُدى
تغمغمُ: ( يا ناس ما في حدا )
وقفت ببابِ المَعرةِ يومًا
وكان الحكيمُ المَعرّيُّ يحمل هامته
بين كفيه، يمضي بها نحو جبانةٍ
في ضواحي البلد
وحيدًا يُشيِّعُ جثمانهُ
لم يَرِقَّ لبلواهُ إنسٌ
وما خفَّ منهم إليهِ أحَدْ
فما أبصروه يقينًا
هو المبصرُ الفردُ فيهم
وكل العيون سواه اعتراها عمًى ورمد
وقفت بباب حلبْ
تَسَوَّرتُ قلعتها واستغثتُ بها
حين جدَّ الطلَبْ
أنادي عليَّا "4" ودولته:
أين سيفُ العرَب؟
ومات النداءُ على شفتيَّ
فما ثمَّ غير سيوفٍ مُهشمةٍ
نُجِرَت من خشب
وخيلاً تُسَرَّجُ للروم يوما
وألفًا نُسرِّجها للعرب
وجدت أبا الطيبِ المُتنبي
يَغذُّ المسيرَ ويطوي الحِقَبْ
يُنَتِّفُ من جَزَعٍ مفرقيهِ
ولِحياهُ قد عُفِّرا بالتُرَبْ
ويصرخ : يا ناس قد قلت قولاً
وأعلنتها صرخةً من غضب
همُ الرومُ خلفكَ ليسوا أمامك "5"
لا تَخدَعَنْكَ وُجوهُ العرب.
"3" حبيب بن أوس الطائي هو الشاعر المشهور " أبو تمام" والإشارة لبيته:
بالشام أهلي وبغداد الهوى وأنا بالرقتين وبالفسطاط إخواني
"4" علي بن أبي الهيجاء بن حمدان الملقب بسيف الدولة الحمداني
"5" إشارة إلى بيت المتنبي القائل:
وسوى الروم خلف ظهرك رومٌ فعلى أيِّ جانبيك تميلُ

عن المدون International Literary Union Magazin مجلة إتحاد الأدباء الدولي

مدون عربي اهتم بكل ماهوة جديد في عالم التصميم وخاصة منصة بلوجر
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
رسالة أحدث

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد